اختفي من حياة أمتنا في هذا الوقت العصيب نوع مهم من أنواع الجهاد السلمي وهو قول الحق عند سلطان جائر لذلك يفتن كثيرون من حكامنا في أنفسهم لانهم لا يستمعون إلا إلي حملة المباخر والصاجات لارضائهم والاشادة بقدراتهم الخارقة في خدمة الأوطان وعصاهم السحرية التي تحميها من المتآمرين. لم يعرف التاريخ الاسلامي فقيها مجتهدا وغيورا علي مصالح المسلمين مثل الإمام الاعظم أبي حنيفة النعمان ومع ذلك حبسه الخليفة العباسي أبوجعفر المنصور لانه نصحه ان يتقي الله في الرعية ورفض ان يكون قاضي القضاة في خلافته التي يشوبها كثير من الظلم. وفي احدي خطب الخليفة السياسية قال ابو جعفر المنصور: اذكركم بتقوي الله فقال أحد مستمعيه: بل اذكرك انت بالله الذي ذكرتنا به وباطلاق سراح الإمام الاعظم فقال الخليفة: سمعنا من يذكرنا بالله ونحن لا ولن ننساه فإن نسيناه خسرنا وما كنا من المهتدين ثم اكمل الخليفة خطبته وبعدها امر باطلاق سراح الإمام إلا أن أبا حنيفة قضي نحبه بالسجن في نفس اليوم. سردت هذه الواقعة لعل مشايخ الفضائيات المفروضين علينا ليل نهار يتقون الله في أوطانهم البائسة.