كان من فضل الله عليّ خلال الشهرين الماضيين أن تمتعت ببعض نعمه - التي لا تحصي ولا تعد - وذلك برحلتين نيليتين بين الأقصر واسوان. استمتعت فيهما بما حبا الله مصر من ثروات من بينها الشمس الساطعة، والجو الدافيء المعتدل في عز الشتاء، والطبيعة الخلابة المحيطة بالمنطقة من الابحار فوق سطح النيل الخالد وما علي ضفافه من خضرة الزروع، والنخيل الباسقة، والطيور المهاجرة، ورمال الصحراء وتلالها. كل هذا في تناسق بديع ومناظر طبيعية رائعة ابدعها الله تعالي »بديع السموات والارض«. هذا فضلا عن آثار مصر الزاخرة التي قيل عنها بحق أكبر متحف مفتوح في العالم. كما تبرز هذه الآثار التقدم العلمي والتقني الكبير المتمثل في الالوان التي مازالت زاهية بعد أكثر من خمسة الاف عام، والهندسة المتقدمة، واساليب الانشاء الراقية وغيرها من الاسرار التي لم يكشف عنها العلم الحديث إلي الآن. وكانت الرحلة الأولي في شهر ديسمبر الماضي والثانية في الاسبوع الأخير من شهر يناير. وأثارت الرحلتان في نفسي الكثير من الشجون والسرور، كما ولدت كثيراً من الانطباعات المشتركة. والاختلاف الرئيسي بين الرحلتين كان في عدد زوار المنطقة سواء من المصريين أو السائحين. ففي الأولي بدت المنطقة شبه مهجورة، ولا يكاد يوجد أحد في المزارات والمعابد باستثناء اعداد قليلة جداً متناثرة هنا وهناك. وفي الرحلة الثانية ازدحمت المزارت بالمصريين وعائلاتهم وذلك بسبب أجازة منتصف العام الدراسي. أما عدد السواح فمازال قليلا جداً بالمقارنة لما أعتدنا رؤيته في الماضي. وأهم النقاط التي دفعتني إلي اختيار عنوان هذا المقال هي: 1 - إن أثر السياحة علي حياة المصريين كبيرة من ناحية الدخل الذي يحصلون عليه أو الوظائفة المتاحة. وهذا الاثر مضاعف وكبير علي حركة التجارة والنشاط الاقتصادي. وفي ظل الكساد السياحي تري الهزال علي الخيل التي تجر عربات الحنطور، إذ لا يقدر اصحابها علي اطعامهم بالقدر الكافي. وعلينا أن نعمل جميعاً علي استتباب الأمن حتي تسترد السياحة عافيتها، وترد الروح الي المتعيشين عليها، 2 - تجري أعمال الصيانة في كثير من المعابد والمزارات، ومنها علي سبيل المثال معبد أدفو وهذا شيء إيجابي تشكر عليه وزارات الاثار والثقافة والسياحة.. الا أن النظافة في هذه الاماكن تحتاج إلي عناية أكبر. 3 - إن إقامة الاسيجة حول المزارات عمل وقائي كبير خاصة في ضوء الانفلات الأمني والسلوكي، الذي لا يحترم الحفاظ علي هذه الاماكن وغيرها. 4 - يشعر المرء في الاقصر واسوان بأمان كبير لا يقارن بالحالة الامنية في غيرها من المدن المصرية بما فيها القاهرة والاسكدرية. وربما يعود ذلك إلي الطبيعة الهادئة لسكان المنطقة، وإلي عدم التكدس فضلا عن العلاقات الانسانية والعائلية بين سكان المنطقة، خلافا. كما هو موجود في المدن الكبيرة، التي تشعر المرء بالوحدة بالرغم من كثرة عدد السكان، وعدم معرفة بعضهم البعض بما في ذلك جيرانهم.