يبدو أن نتيجة استفتاء مصر غير المسبوقة علي الدستور الجديد لم تعجب أمريكا وأصابتها بخيبة أمل في الإخوان بعد الرهان الخاسر علي قدرتهم علي التأثير علي الشعب المصري في الاستفتاء، بدليل أنها لم تحز رضاء جون كيري وزير الخارجية الأمريكية- الذي كان يتوقع شيئا آخر غير الإقبال الكاسح علي المشاركة في الاستفتاء- فقد جاءت النتائج عكس التوقعات- بناء علي حسابات خاطئة- وجاءت النتيجة »نعم« بنسبة 89 في المائة وكانت بمثابة صدمة للإدارة الأمريكية كما كانت ضربة قاصمة للإخوان.. ولذلك لم يخف كيري موقفه تجاه النتيجة التي فاقت كل التقديرات وكان خروج المصريين الكاسح للاستفتاء علي الدستور الجديد عكس الدعايات التي كان يروجها الإخوان- وصدقها الأمريكان- بأن نسبة التصويت لن تزيد عن ثمانية في المائة ولذلك كان تعليق وزير الخارجية الأمريكية بالحديث علي مصالحة تشمل الجميع -وبالطبع لحساب الإخوان بعدما انكشف رصيدهم وحجمهم الحقيقي.. وما اشار اليه كيري من تسويات سياسية صعبة، وما بدا من خلال تعليقه ذلك التحفظ عندما يؤكد أن الاقتراع لمدة واحدة لايكفي! ولايعني الديمقراطية! وهو ما يعكس الموقف الأمريكي من خارطة الطريق ولذلك لابد من وقفة أمام ما قاله كيري من أنها قضية تتعلق بالمساواة في الحقوق والحريات بموجب القانون لكل المصريين أيا كان انتماؤهم السياسي.. ولم يسأل كيري نفسه عن مدي مصداقية أمريكا تجاه التزام مصر بأول استحقاقات خارطة الطريق »المستقبل« وهو الدستور.. انه موقف يكشف »الغيظ« وعدم الرضا عن نجاح الاستفتاء وخروج قرابة 02 مليون مصري ومصرية لكي يقولوا كلمتهم »نعم« ويرفضوا جماعة الإخوان الارهابية! والغريب أن موقف كيري يجيء عكس الشهادة التي اكدتها البعثة الدولية لمراقبة الاستفتاء علي الدستور عن سلامة جميع الاجراءات وانها تمت بنزاهة وطبقا للمعايير الدولية وعبرت عن ارادة الشعب المصري، وأوضحت البعثة أن تقديرها يخلو من أي انحياز.. واكدت أن مصر أجرت استفتاء صحيحا ونزيها مقارنة بالاستفتاءات التي تجري في انحاء العالم.. وبدرجة أنها صنفته بتقدير »جيد جدا« نظرا للظروف السياسية التي تمر بها مصر في ظل أوضاع أمنية صعبة.. ووصفت البعثة الدولية تهنئة كاترين أشتون مفوضة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي للشعب المصري بنتائج الاستفتاء بأنها تعكس قدرة الإرادة الشعبية المصرية علي فرض نفسها عالميا.. وبينما اشار المراقبون الي انهم اتفقوا علي رصد الحقيقة واعتبروا ان الفرحة التي رأوها في عيون المصريين خلال عملية الاستفتاء لم تكن مجرد تعبير عن ارادتهم وانما انعكاس لصحة الاجراءات وسلامتها.. واشادوا بقدرة الجيش المصري وأجهزة الأمن علي تأمين الاستفتاء وفي ظل تهديدات ارهابية لترويع المواطنين ودفعهم بعيدا عن صناديق الاستفتاء.. ولعل في هذه الشهادة أبلغ رد علي كلام كيري وبالتالي موقف امريكا المنحاز لجماعة الاخوان واكاذيبها ضد الشعب المصري ونتائج الاستفتاء! ولكن في المقابل يبدو أن رأي كيري لايعبر بحديثه عن رأي وفد الكونجرس الأمريكي الذي جاء الي مصر بعد الاستفتاء لكي يرصد نتائج العملية وموقف الشعب المصري- وكان الوفد برئاسة دانا رورا باتشير واستقبله الرئيس عدلي منصور -وبحضور دافيد سارترفيلد القائم بالاعمال الامريكي- وأبدي التهنئة بانجاز اول استحقاق لخارطة الطريق- بإقرار الدستور الجديد بهذه النسبة الفائقة لكل التقديرات، والتعبير عن دعم وتضامن الكونجرس مع مصر والاشادة بالالتزام بالجدول الزمني علي الرغم من عبء مكافحة الارهاب- الذي تقوم به جماعة الاخوان- والتأسيس لمرحلة جديدة من التحول الديمقراطي الذي تشهده مصر. ورحب اعضاء الكونجرس بإرادة المصريين بالتقدم نحو الديمقراطية ولذلك فإنهم سوف يقومون بنقل صورة لواشنطن عن مدي استقرار الاوضاع مقارنة بعهد الرئيس السابق مرسي ونجاح مسار الطريق ووضوح عملية التحول الديمقراطي.. ولعل اهم نتائج زيارة وفد الكونجرس ما عبروا عنه: سوف نقدم المساعدات والدعم في الانتخابات القادمة.. وسوف نمد مصر بالمساعدات العسكرية اللازمة لدعم الجيش المصري كما سندعم علي جميع النواحي الاقتصادية مصر من الخارج وهو ما سوف يتضمن مشروع القرار الخاص في الكونجرس باعادة المساعدات الامريكية لمصر. وتكفي هذه الشهادة من جانب وفد الكونجرس للرد علي موقف كيري وزير الخارجية وقد جاءت في وقتها لكي تقدم التقييم الصحيح لعملية الاستفتاء علي الدستور في مصر ونتائجها وفي اعتقادي انها تعبر عن التغير الذي حدث في الموقف الامريكي من جماعة الاخوان بعدما انكشف المستور واتضح الرهان الخاسر الذي كانت ادارة اوباما تعلق خططها عليه تجاه مصر.. ولايخفي ان هناك مراجعات في واشنطن للموقف من جماعة الاخوان وفشلها في المهام التي تعهدت علي القيام بها في اطار الخطة الامريكية التي كانت موضوعة وكانت تنفذها السفيرة السابقة ان باترسون وأفشلتها ثورة 30 يونيه ووقفة الجيش المصري بقيادة عبدالفتاح السيسي الي جانب الشعب المصري الذي خرج بالملايين!