لا يعرف الانسان متي تنزل عليه صواعق القدر، بحيث يصبح الموت فرحاً والحياة ألماً، أو علي أقل تقدير يتساويان في ميزان عقله وضميره، فالفقر ألم عند من يعانون غوائله، وكبر السن ألم عند من تنحني ظهورهم فتقارب جباههم الارض، وكأنهم أجنة تناديهم أرحام الأرض، ومسئوليات الاسرة الم تنكأ جراحة كل طلبات جديدة لا يستطيع رب البيت توفيرها لابنائه.. وكل هذه الالالم لا تمثل شيئاً أمام كبرياء رجل يبول علي نفسه، بعد أن أعيته امراضه، وأقعدته علله وأتراحه فعاد طفلاً وإن جاوز السبعين من العمر.. هذه هي مأساة عم فتحي في جانبها الاصعب.. وإن كانت كل جوانب مأساته اصعب، فزوجته تقاربه في السن وتعاني مثله من امراض الشيخوخة، من نسيان وأمراض روماتيزمية، وابنتاه اللتان جاءتا علي كبر مريضتان ايضاً.. ودخل الاسرة لا يتجاوز الجنيهات القليلة التي يحصل عليها عن طريق معاشه الشهري الذي لا يكفي حتي إيجار الشقة الصغيرة التي تؤوي هذه الاسرة البائسة، وإن كانت المأساة الحقيقية في أن عم فتحي يحتاج الي بامبرز يتجاوز الالف وخمسمائة جنيه كل شهر، وهو لا يملك حتي نصف هذا المبلغ الذي يعتبر ثروة عند أمثاله من المحتاجين والفقراء، ولولا مساعدات أهل الخير ما وجد كسرة خبز يطعم بها اسرته، بل إنه يفكر كثيراً إذا ما توفاه الله من اين ستأتي اسرته بطعامها ، وهي لا تملك الا معاشه الضئيل.. وظل عم فتحي في هذا اليأس الذي يحاصره ليل نهار حتي آخبره اهل الخير عن اسبوع الشفاء فتقدم اليه مخجلاً من مرضه، قائلاً إنه يتمني الموت في أحيان كثيرة بعد أن تعب من قسوة الحياة التي لم ترحم شيخوخته.. واستجاب اسبوع الشفاء علي الفور وقدم لعم فتحي بامبرز بأربعة الاف وخمسمائة جنيه تكفيه لمدة ثلاثة أشهر.. ويدعو أهل الخير لمساندة هذه الاسرة المريضة حتي لا تفقد الامل في الحياة.