د.م. نادر رىاض لاشك أن الحاجة تشتد أكثر من أي وقت مضي إلي إن يطلق البروجي نوبة صحيان لينتبه الجميع وتتوحد العقول فنحن في موقف نكون فيه أو لا نكون ومصر التي رعاها الله وسجل اسمها في كتبه السماوية أمانة في أعناقنا لا نملك إلا أن نسلمها لأبنائنا عزيزة مرفوعة الرأس ولننبذ الفرقة والبغضاء ففيها تكمن كل الشرور وكما قال المتنبي: وتعظم في عين الصغير الصغائر .. وتصغر في عين العظيم العظائم. لذا آن الأوان لفتح عدد من الملفات ذات الأولوية متقدمة الترتيب في منظومة العمل الوطني تحقيقاً لمصالح الدولة العليا،من أهمها اجتياز أزمة قطاع الأعمال العام الصناعي والتجاري وإعادة هيكلته ودعم المؤهل منه للتطور وبيع ما لا رجاء فيه وعودة تبعية القطاع الصناعي في صورته الجديدة لوزارة الصناعة وهو الأب الشرعي له بعد أن كان قد أهدر بنزعه من وزارة الصناعة وتسكينه في وزارة قطاع الأعمال العام دون مراعاة للخبرة الصناعية ومقومات القطاع من الإمكانيات الفنية والتنمية البشرية ومعايير الجودة المحلية والعالمية وطموحات وخطط المستقبل، كل هذا مع الحفاظ علي رأس المال البشري من الإهدار والتشتت.يلي ذلك الاهتمام بملف التوزيع العادل للثروة وفرص العمل علي امتداد أرجاء الوطن وهو ملف رئيسي تحتاجه الدولة لمواجهة خطر الفقر وهي حربنا القادمة بعد الانتهاء من الحرب مع الإرهاب . يقودنا هذا الملف بالقطع إلي ملف التصنيع الزراعي في موقع الإنتاج وكذا الصناعات الصغيرة حيث انه التوجه الطبيعي لتحويل القري المستهلكة إلي قري منتجة محققة لفائض انتاجي تحتاجه باقي المحافظات بعد أن ظلت لفترة طويلة قري مستهلكة تشتري احتياجاتها من خارجها . هذا يقودنا بالتبعية إلي ملف هام تم تجاهله لفترة طويلة مع أهميته في التكامل مع قطار التنمية الشاملة والمستدامة ألا وهو ملف لامركزية الإدارة ونقل جانب كبير من السلطة المركزية لتتولاها المحافظات بجانبيها من ناحية الإيرادات والمصروفات أي التمويل والكلفة والاستفادة من العائد إذ أن أهل مكة أدري بشعابها .فمن المعروف أن المحافظات هي الأجدر والأقدر علي إدارة شئونها بدءاً بمنظومة التعليم والتنمية البشرية وإدارة استثماراتها متي تحقق لها حقها الطبيعي في تحصيل مواردها الضريبية والاحتفاظ بالجانب الرئيسي منها وتوريد ضريبة المبيعات وبعض الرسوم الأخري السيادية مثل الجمارك إن وجدت للخزانة العامة المركزية بينما تتحمل المحافظات أعباء كافة الخدمات والاستثمارات التي تحتاجها من تعليم وصحة وطرق وكباري وبنية أساسية. يتوازي مع هذا ملف هام ألا وهو علوم النقل وعلي وجه الخصوص تطوير مرفق السكة الحديد حيث أن فيه حلا لكثير من مشاكل مصر المستعصية مثل مشاكل توشكي والتي تتوقف علي توصيل السكة الحديد إليها لنقل منتجاتها علي امتداد الوطن -الاستفادة من الثروة السمكية الكبيرة ببحيرة السد بتوفير النقل المبرد والمجمد بالسكك الحديدية - تنشيط التجارة الداخلية والبينية بين المحافظات بزيادة خطوط نقل البضائع- حل مشاكل فوسفات أبو طرطور ومصنع الحديد والصلب بالتبين بنقل الخامات والمنتجات منه واليه عن طريق سكك حديدية بنظام النقل السائب في حاويات دون تغليف وكذا نقل الوقود بقطارات مخصصة لذلك، هذا بعض من كل لم يتسع المجال لسرده تفصيلاً. أما ملف البحث العلمي فيجب الخروج به من أزمته بزيادة المخصصات لمجال البحث العلمي والوصول به إلي المعدلات المقبولة عالمياً وهي 3٪ خروجاً من وضعه الحالي الذي يقف عند نسبة 1/2 ٪ منذ خمسين عاماً . أما ملفات التعليم والصحة فهي تحتاج إلي دعم دولي لما تمثله من توافق مع الاتجاه العالمي لدعم الدول النامية في اتجاه إنشاء وتطوير منظومة التعليم وتوفير الحد الأدني من الرعاية الصحية المرتبط بالتصنيع الدوائي لحزمة الأدوية المتعارف عليها دولياً ، إلا أن هذا الأمر يرتبط بالانفتاح علي ملفات الدول المانحة والمنظمات الدولية التابعة للأمم المتحدة وتنفيذ توصياتها بدقة والتزام حتي لا تتعطل المنح والقروض انتظاراً لاستيفاء تلك البرامج والتي لا تندرج تحت مسئولية معينة أو لكيان يكون مسئولاً عنه مسئولية مباشرة وتهدر تلك المنح وتنضم إلي طابور الفرص المهدرة التي لا يحاسب عليها أحد. أما ملفات الصيد البحري وتصنيع الأسماك وبناء السفن الخاصة بالصيد في ترسانات مصر البحرية المعطلة للاستفادة من شواطئ علي البحرين الأبيض والأحمر تحسدنا عليها أوروبا وكذا الملفات التي تدخل في الخطة الخمسية الثانية مثل تطوير صناعة الدواء وملف الطاقة وربطها بأوربا وصناعات وادي السيلكون وتصنيع الأسلحة التقليدية ومنها الطائرات بدون طيار والصواريخ التي تعمل بالوقود السائل فهي أمور رأينا عدم الخوض فيها لأنها مرجأة بحسب ترتيب الأولويات وتدخل في نطاق الخطة الخمسية الثانية إلا أن الدولة بخبرائها هي الأقدر علي فتح ملفاتها تباعاً في التوقيتات التي تراها مناسبة ليجتمع حولها رجال مصر المخلصون من أصحاب التخصصات الدقيقة وهم كثر بحمد الله. بقي أن نشير إلي أن الاقتصاد القوي هو وحده القادر علي تحقيق طموح أبناء الوطن فيتحقق الرضا في أرجائه وجنباته.