أ. د أحمد محمود كرىمة الاصل في الشرع المطهر: العدل، والمساواة، عدم التمييز، تكافؤ الفرص، اعتبار الكفاءة كلها واجبات شرعية، وأسس نظامية، وقواعد معاملاتية لا تقبل أنصاف حلول ولا تبديل ولا تحويل. قال الله - عز وجل - »ان الله يأمر بالعدل والاحسان وايتاء ذي القربي وينهي عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون«- الآية 90 من سورة النحل. وقال رسول الله - صلي الله عليه وسلم -: »الناس سواسية كأسناس المشط..« وطبق المجتمع الاسلامي الاول هذه المبادئ بحرفية ومقاصد نصوصها، فأسندت شعيرة الآذان الي بلال الحبشي، وولاية المدينة النبوية الي عبدالله بن ام مكتوم - الضرير- والاستشارة الدفاعية لسلمان الفارسي، وحمل ختم الرسول - صلي الله عليه وسلم - الي صهيب الرومي، مهمات الطب الي نصاري، والامن الغذائي الي يهود، والسفارة الدينية الي من كانوا مستضعفين، فكانت المعايير هي الكفاءة دون اعتداد بحسب ولا نسب ولا قرابة ولا معتقد ولا لغة فعاش المجتمع بطهر »العدل« وفتح الله - عز وجل - الفتوح، وأسسوا حضارة في ربوع العالم. ان وراثة المهام استثناء من الاصل لغرض مشروع، كما أخبر الله - عز وجل - حكاية عن زكريا - عليه السلام - فهب لي من لدنك وليا يرثني ويرث من آل يعقوب واجعله رب رضيا - الآية من سورة مريم - اما وراثة المناصب فالاصل التحريم والتجريم، فلم يعهد ابو بكر، رضي الله عنه - لأحد أولاده، ولا عمر ولا عثمان - رضي الله عنهما - فلما ابتدع الامويون وراثة الحكم السياسي تحولت الخلافة الراشدة من مناهج النبوة النورانية الي »ملك عضوض« لحظوظ الدنيا. وعليه فان التوريث المهني يعد جريمة تجعل فاعلها مقترفا للآثام ظالما لمن منعهم لكفاءتهم من نيل حقوقهم المشروعة، ومن المقرر شرعا ان كل من يتولي عملا مهنيا بالوساطة والمحسوبية والتوريث كما هو الشأن في مؤسسات سيادية بالدولة - للاسف- وشركات ذات رواتب عالية لاولاد العاملين الشاغلين او المتقاعدين فان كسبه سحت، ودخله المالي خبيث، وسيظل منزوع البركة، ويبوء باثم الظالمين »ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون انما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الابصار« - سورة ابراهيم. ان الواجب الشرعي والضمير الانساني والعدالة الاجتماعية كلها مجتمعة تستنهض المجتمع للقضاء العاجل والمبرم علي وباء وداء التوريث المهني، فليس من المقبول ولا المعقول التستر علي من يوسدون الامور لغير اهلها، ويجب النص في لوائح ذات علاقة بالتصدي الحازم، والعقوبة الرادعة الزاجرة للمفسدين المورثين اولادهم علي حساب المستضعفين الاكفاء الذين لا سند لهم الا الله- عز وجل-. ان حق الانسان علي مجتمعه ان يتذوق العدل ولا يتجرع الظلم، الذي في التوريث المهني والوظيفي والذي جاوز المدي! بلاغ فهل من مدكر؟