شئنا او لم نشأ سيظل الموقف الأمريكي الملتبس والغريب تجاه مصر بعد ثورة الثلاثين من يونيو، والتوترات التي انتابت العلاقات بين البلدين نتيجة هذا الموقف، وما تبعه من قرارات أمريكية خاطئة، ملقيا بظلاله علي مراكز صنع القرار في مصر، ومؤثرا في توجهها وتحركها علي الساحة الدولية لفترة ليست بالقليلة، نظرا لما له من دلالة سياسية لا يمكن تجاهلها، وما له ايضا من انعكاسات عسكرية يصعب غض الطرف عنها. من هنا يكون من الطبيعي ان يربط البعض بين الزيارة المهمة لوزيري الخارجية والدفاع الروسيين لمصر وما دار فيها من مباحثات، وبين ما طرأ علي العلاقات المصرية الامريكية من توتر واحتقان، في أعقاب تجميد المساعدات العسكرية وغيرها من الإجراءات الأمريكية المرفوضة والمستنكرة من الشعب والحكومة المصرية. ولكننا بالرغم من ذلك نقول، انه من الخطأ الجسيم النظر الي هذه الزيارة المهمة، علي أنها تأتي كرد فعل علي الموقف الأمريكي تجاه مصر، وأن التوجه نحو روسيا هو البديل بالنسبة لمصر عن علاقاتها الوثيقة مع الولاياتالمتحدةالأمريكية،....، فهذا تصور غير صحح أو علي الأقل مبالغ فيه جدا. وهناك عدد من الحقائق لابد من التأكيد عليها في هذا الخصوص، أولها ان العلاقات المصرية الروسية علاقات مهمة للطرفين المصري والروسي، وانها مهمة في حد ذاتها، وليس لكونها بديلا عن العلاقات القوية مع امريكا، وانه من الضروري ان تسعي مصر وروسيا لتقوية ودعم هذه العلاقات في جميع المجالات السياسية والعسكرية والاقتصادية، خاصة ان هناك روابط وعلاقات قديمة يمكن البناء عليها. وثانيها ان العلاقات الروسية المصرية القوية لابد ان تقوم علي اساس متين من تبادل المصالح، والاحترام المتبادل، وعدم التدخل في الشئون الداخلية،....، وهي الأسس التي تسعي مصر لترسيخها في علاقاتها مع دول العالم وقواه المختلفة بعد ثورة الثلاثين من يونيو. وثالثها، ان العلاقات مع روسيا لا يجب ولن تكون انتقاصا من العلاقات مع أمريكا، التي يتحتم علينا الحفاظ عليها ودعمها واضعين في الاعتبار ذات الأسس، وعلي رأسها بالقطع عدم التدخل في الشأن الداخلي المصري من الجانب الأمريكي.