عبدالقادر شهيب بينما كانت ثمة توقعات بتحسن في الموقف الأمريكي تجاه مصر بعد إسقاط حكم الإخوان أعلنت واشنطن قرارها بتجميد كل المساعدات العسكرية لمصر باستثناء قطع غيار الأسلحة الأمريكية التي في حوزة الجيش المصري!.. صحيح ان هذا القرار ليس جديداً وهو ينفذ عملياً منذ الثالث من يوليو، إلا أنه المنتظر، خاصة بعد كلمة أوباما أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، كان قراراً بإلغاء هذا التجميد وليس الإعلان عن استمراره كما فعلت واشنطن. ولا يكفي تفسير ذلك الإعلان الأمريكي، الذي جاء مخالفاً للتوقعات، بما يحدث داخل أمريكا من صراع بين الإدارة الأمريكية والكونجرس الذي يسيطر عليه الجمهوريون ويستهدف إرضاءهم حتي تلين مواقفهم ويقومون بإنهاء أزمة الموازنة الأمريكية التي بسببها أصيبت الهيئات الحكومية المركزية بالشلل.. لأن الجمهوريين يعرفون أن تجميد المساعدات العسكرية لمصر يطبق عملياً منذ عزل مرسي، عندما تم وقف شحن طائرات »إف51« ومستلزمات إنتاج الدبابات الأمريكية في مصر. كما لا يكفي لتفسير الإعلان الأمريكي لتجميد المساعدات العسكرية بعدم استجابة الحكم في مصر للرغبة الأمريكية الخاصة بإدماج الإخوان في العملية السياسية للمحافظة لهم علي دور في الخريطة السياسية الجديدة التي ستتشكل في مصر.. فالإخوان أنفسهم لا يستجيبون للرغبات الأمريكية ومازالوا يتمسكون بما يراه الأمريكيون الآن أنفسهم أنه بات مستحيلاً، وهو عودة مرسي إلي الحكم والإبقاء علي دستورهم، وصار كل ما يطالب به الأمريكان الآن هو الإسراع في تنفيذ خارطة المستقبل لتشكيل حكم منتخب، مع مشاركة الإخوان في تنفيذ هذه الخارطة. أما أنباء تحديد موعد لمحاكمة الرئيس السابق مرسي وإعلان الحكومة المصرية التزامها بتنفيذ حكم القضاء بحظر تنظيم الإخوان وإن لم تلق قبولاً من واشنطن، إلا أنها كانت أنباء نتوقعها خاصة من خلال اتصالاتها التي لا تتوقف مع القاهرة.. لذلك لا تكفي هذه القرارات المصرية وحدها لتفسير إعلان الإدارة الأمريكية قرارها بتجميد المساعدات العسكرية لأنها تدرك أنه لا تأثير جديد لإعلان قرار منفذ بالفعل. لذلك الأغلب أن هناك شيئاً ما علي الجانب المصري حيث لا يروق لواشنطن ودفعها لهذا الإعلان في هذا التوقيت.. ولعل أبرز ما حدث مصرياً في الفترة الأخيرة هو اتساع النقاش حول ترشح الفريق السيسي لانتخابات الرئاسة وتزايد عدد المطالبين والمرحبين بتوليه منصب رئيس الجمهورية.. وعندما زرت واشنطن مؤخراً أدركت أنه من الصعب علي واشنطن قبول السيسي رئيساً لمصر لأن التجربة أثبتت أن السيسي لا يرضخ للضغوط ولن يكون تعامل واشنطن معه سلساً وسهلاً. ولكن إذا ما حدث وأصبح السيسي رئيساً بالفعل لمصر سوف تتعامل واشنطن معه لأنها لا تملك ترف المغامرة بفقدان علاقتها بمصر، ووقتها ستقول عنه إنه رئيس منتخب وستلغي قرارها بتجميد المساعدات العسكرية.