أرجو ان يكون صحيحا ما اعلنته محافظة القاهرة عن التحرك لإجلاء الباعة الجائلين الذين احتلوا شوارع وميادين القاهرة من خلال العمل علي ايجاد اماكن لهم لممارسة نشاطهم.. لاجدال ان انتشار هؤلاء الباعة عشوائيا في غياب الامن والانضباط الذي يفرضه القانون قد أدي الي تشويه وجه القاهرة.. لم يقتصر الامر علي ما تتطلبه اجراءات التنظيم داخل العاصمة وانما ادت الآثار السلبية الي تصاعد مظاهر الفوضي وتهديد الامن العام. كان من الطبيعي ان تنعكس هذه الخروقات المخالفة للقانون علي حركة المرور التي تعاني اصلا من الارتباك الناتج عن الزحام بشكل عام. ورغم تحذيرات الصحافة والاعلام من تداعيات استيلاء الباعة الجائلين دون اي سند من القانون علي الشوارع والميادين بشكل سافر ومستفز بعد ثورة 52 يناير.. الا ان الضعف الذي أصاب الدولة أفقد كل الأجهزة المسئولة القدرة علي مواجهة هذا العدوان.. من المؤكد ان ارساء النظام والانضباط في هذه الشوارع والميادين يمثل عنصرا اساسيا في عملية استعادة الدولة لوجودها وبالتالي لهيبتها المفقودة. ان هذه المهمة تأتي ضمن مسئوليات محافظة القاهرة وشرطة المرافق وبالتنسيق والتعاون مع مراكز صنع القرار في الحكومة. ليس من سبيل للخروج من هذا المأزق سوي اللجوء الي الحسم واعمال القوانين. كما هو معروف فان الهدف من الشوارع والميادين هو تسهيل حركة سير ومرور البشر ووسائل النقل وليس استخدامها كأسواق عشوائية. وكما سبق وكتبت في اكثر من مقال فان الهدف ليس قطع ارزاق هؤلاء الباعة الجائلين وانما المطلوب هو احترام القانون والنظام العام. هذا الامر لا يمنع المطالبة بان تعمل اجهزة محافظة القاهرة وكل محافظات مصر بالشفافية والحرية اللازمة من اجل ايجاد الحلول الفاعلة لهذه المشكلة. لقد ذكرت بانه توجد في كل مناطق القاهرة اماكن فضاء اما ملكية عامة او ملكية خاصة يمكن ان تخصص كأسواق لهؤلاء الباعة الجائلين. وفي اطار المراعاة للبعد الاقتصادي لهذه الملكية فانه من الممكن دفع ايجارات لهذه المساحات دون ان يحول ذلك من استغلالها مستقبلا في اي مشروع اقتصادي. من المؤكد ان ازالة اشغالات شوارع وميادين القاهرة والمحافظات سوف يعطي مؤشرا ايجابيا بان مصر اصبحت مرة اخري دولة قانون ونظام.