لحظة إفاقة منا.. لحظة تنوير فينا.. لحظة رحمة منك يا رحمن كل شيء وراحمه.! الجمعة: يصعب علي النفس أن تستقطر ساعة من الصفاء الروحي والنقاء الوجداني، وقد حاولت في هذه الأجواء أن تمارس مقامات »التخلي« و»التحلي« و»التجلي« فربما تتخلي عن أشياء انتهي عمرها الافتراضي.. لتتحلي بأشياء جديدة علي ضوء المتغيرات التي تطغي علي كثير من الثوابت.. ربما تتجلي بإشراقات، وإن صارت عزيزة حيث يتصادم الظهور والأفول.. إلا قليلا! فالنفس غير مطمئنة.. والقلب يشتعل وجدا.. والعين- مع أن ليس مع العين أين - غير أنها تري ما لا يخطر علي البال، ولم يكن في الحسبان، والأفق ملبد بالتوقعات الدرامية.حاولت أن أقضي الثواني ما بين »التجريد« و»التفريد« و»التوحيد« فإذا هناك مسافات ضوئية.. لقطع مساحات صوتية.. وإحداث خفقات وجدانية.. واهتزازات وارتعاشات ومراجعات من النفس الأمارة بالحب، فما أعظم أن يقابل المرء منا ذاته، ويعثر عليها، ويتصالح معها، إنها مسألة قد تحتاج مجاهدة للوصول، ومن وصل اتصل، ومن اتصل انفصل.. وفي المسافة المتحركة بين الاتصال والانفصال..كانت النفس تريد أن تجري مراجعات، علي ضوء الثوابت وتحسب المتغيرات، بوضع الأدوات المعرفية والعرفية والأخلاقية والجمالية تحت المجهر، خلايا تهلك.. وخلايا تتجدد.. وخلايا تتهيأ.. شروق وغروب.. ظهور وأفول.. ليل ونهار.. حراك وسكون.. ثنائيات حياتية.. وسنن وجودية.. والنفس الانسانية مجرة كونية.. وكل في فلك يسبحون!. لكن الأجواء مشحونة بالتوتر، ومسكونة بالتربص ، فلا القلب ينبض طبيعيا، ولا العين يغادرها سقم المشاهد وألم الشواهد، بل تظل أدوات الاستدراك تطل برأسها، فتكسر أجنحة العبارة التي يفترض أن تكتمل، (طموح ولكن...، تطلع إنما..، إقلاع نحو المستقبل غير أن ...). الأحداث كبار، والمستحيلات تعقد المشهد، والمشهد غير قابل للتفكيك، والواقع أكبر من الخيال، والخيال جامح أيضا، والحكمة عزيزة المنال، وفي الزحام لا أحد يسمع أحدا، ومن لم تردعه ذاته، تردعه قوة المجتمع، ومن لم يرتعد تردعه قوة السماء، والكل يدعو رب السماء، وسبحانك يا من تستجيب للدعاء بألا تستجيب للدعاء!!. تساؤلات متوحشة الأحد: سأظل أطرح هذه التساؤلات العميقة والساذجة في آن واحد ، فاللحظة ذات الحساسية الفائقة لا تزال طاغية بكل جبروتها، ويبدو أنها ستمتد وكأنها سنوات عجاف، تلتهم السنابل الخضر التي كلما أوشكت علي الإخضرار ، هب من يقتطفها اختطافا، ويخصف بها تساؤلات لا تزال شاخصة وناشبة أظافرها بلا أقنعة: لماذا تكفرني »يا رجل«؟..وأنا الكاتب الذي لا سلاح لديه إلا القلم والكلمة: نورا ونارا، فهل أنت أيضا تتحسس جيبك كلما سمعت كلمة ثقافة ومثقف؟. لماذا تعتدي عليّ »يارجل«؟ وأنا الفنان الذي أحاور الوجدان وأخاطب الذوق العام بأعمالي التي تستثمر أدوات العصر العرفية والمعرفية والأخلاقية والجمالية؟. لماذا تغتصب ذاتي »يا رجل«؟ وأنا المفكر الذي أبث الوعي، وأفكر في اللامفكر فيه، وأمارس ثقافة الأسئلة سعيا إلي التنوير والاستنارة بدون إثارة ولا استثارة؟. لماذا تسحقني »يا رجل«؟ وأنا أشعل شمعتي حتي في عز الظهيرة، في عالم يسكره الجهل، فهل رأي الدهر سكاري مثلنا؟ ترانا سكاري وما نحن بسكاري ، ولكن عذاب اللحظة شديد؟. لماذا تهدر دمي »يا رجل«؟ وكل المسلم علي المسلم حرام، دمه وعرضه وماله، بل كل الإنسان علي الإنسان حرام، طالما يمارس الإنسانية، فعلا وقولا، علما وعملا؟. لماذا تستبيح دمي عيانا بيانا، »وأنا في عرض« لحظة أمان وإيمان، وفي عرض ومضة يقين ولو يقينا مراوغا؟. لماذا تريد أن تلقيني في »الجُب« بل وتمنع كل السيَّارة أن يلتقطوني، وتعتزم أنت أن تبيعني بثمن بخس دولارات معدودة؟. لماذا تحرّض »الحوت« ليلتقمني، وتحول بيني وبين أن أكون من المسبحين، فلا أنبذ في العراء وأنا مليم؟. لماذا تستحيي نسائي، وتقتَّل أبنائي، وتصلبني في جذوع نخل الوهم والدجل الذي تتعاطاه تحت عباءة (أبي جهل) وقبعة جون؟ ومعطف »أبي لهب« وعمامة »الحجاج« فهل تظن أن رءوسنا قد أينعت أيضا وحان قطافها، وإنك لقاطفها؟ لا »يا رجل« لثم جبينك وارتجل: »أنا ابن جلا وطلاع الثنايا متي أضع العمامة تعرفوني« لا يارجل، يا كذبة عصرية لم تكتمل. لماذا تلدغني ب »الشجاع الأقرع الأعمي« في قبري الحياتي، والسجن الذي أملكه، وأحاسب نفسي أولا بأول، هل أنت وكيل النار؟ وهل أنت المتحدث باسم السماء؟. لماذا تسخر من »فلكي« وأنا أصنع »سفينتي« علي عين البسطاء من الشعب العظيم، لأنقذه من براثن »جهلك« و»لهبك« و»هندك« و»ثكلتك أمك«؟ وإني سأسخر منك كما تسخر مني ومن مفاتيحي، ومصابيحي، ومشاعلي، ومشاعري، ومن يخترق يحترق. لماذا تطلق بقراتك السبع السمان علي بقراتي السبع العجاف؟ ولماذا تريد أن تلتهم سنابلي الخضر بأفكارك اليابسات؟ وتصرخ فيّ ليل نهار: »أنا أكثر منك مالا وأعز نفرا« » وتتناسي أني سأحيط بثمرك ونفرك ورجلك وخيلك وصوتك وسوطك ودولارات وعملاتك وصفقاتك وبنوكك ومؤسساتك وأجمد أرصدة ذاتك المتضخمة بضع سنين، وأنا من بعد غَلبي سأغلبك وأغلب عزتك«. لماذا تصر علي أن تمسني بالضر، وتعترضني أن أضرب برجلي في الماء ، والماء بارد وشراب؟ وأنت تشرب نخبي وتعلن متلوثا وملوثا الفضاء :بلا إله إلا .. الدولار«! »تبا لك يا أبا جهل«! أنا أفكر وأبدع وأُسْمع ما في الصدور، في الخفاء وفي الظهور، في الانكشاف وفي الاستتار، أنير وأستنير، فهل أنا كافر؟ نعم أنا كافر ، ولي عزة الإيمان ، أن أكفر بك وبأطيافك وألوانك وتشكيلاتك وتكتلاتك وجنودك وفرعوناتك وهاماناتك وقاروناتك وفقهائك ولذاتك ونزواتك وحواريك وجواريك. هل من مدكر؟ هل من مجيب ؟ أفتونا أيها الملأ...إن كنتم للواقع تقرأون!. ثورة علي ما ملكت أهواؤنا السبت : متي نثور علي أنفسنا.. وعلي ما ملكت أهواؤنا؟ نعم .. لا شيء يشغلنا إلا عواطفنا، حتي بضاعتنا التي ردت إلينا .. بارت! بعنا محارمنا.. سُحبت هويتنا، فالرقص علي سلم القرارات والأفكار والتحولات.. قد صار شيمتنا! وكلنا يرقص بطريقته، علي حد تعبير أستاذنا »إحسان عبد القدوس« في رائعته »الراقصة والسياسي«. فهذا يرقص بلسانه ، وذاك يرقص بقلمه، وتلك ترقص بأهدابها..و..و...!. الثورة الحقيقية تتجلي من الداخل، ولن يغيرنا الله حتي نغير ما بأنفسنا.. سيظل الفعل الثوري الخلاق عبثا طالما هو (نص نص) الثورة إما أبيض وإما أسود ، لا يوجد نصف ثورة، أو ثورة أنسة. يتعبنا هؤلاء الذين يسيرون في طريق تعبنا من السير فيه.. وسئمنا من الذين يعرضون صورا شاهدناها من قبل آلاف المرات.. مللنا من الذين يطعمون الوحش الجائع قطعة شيكولاته.. لفظنا الذين يدعون أن لهم فكرا تقدميا وهم مشدودون إلي الوراء بألف خيط، يمارسون الابتزاز حتي الإهتزاز مذاهب سياسية وفكرية ماتت في عقر دارها، ولا يزال فينا من يعتقد فيها، ويسوق لها بألف وسيلة ووسيلة.. الكل يشخص ، لكن لا أحد ينير ضوءا في النفق.. ننظر تحت أقدامنا، أو نبكي علي أطلال الأمس السياسية والاجتماعية والثقافية. ثأر.. انتقام.. تصفية حسابات.. تحريض.. فتنة أكبر.. نار ولا نور.. دين وديناميت.. إقصاء وإبعاد.. دم..حشد وحشد مضاد..واستبعاد واستعباد..و..و.. كل مفردات هذه العائلة البغيضة من الممارسات المجتمعية الراهنة، بكل تجلياتها وتداعياتها ومفارقاتها وتناقضاتها. لحظة إفاقة.. لحظة تنوير.. لحظة رحمة.. منك يا رحمن كل شيء وراحمه.!. ثقافة الأسئلة الخميس: لماذا يحب أحدنا أن يأكل لحم أخيه ميتا فلا نكرهه؟. كيف تلتهمنا دائما سبع بقرات سمان ولا نحتاط، ولا ندخر؟ هل تستطيع أن تفك معادلة الإمام علي حين قال: لو ناقشني ألف عالم لغلبتهم، ولو ناقشني جاهل واحد لغلبني. حتي سلالم المئذنة.. ملتوية! لماذا؟. نفسي الأمّارة بالشعر أيها الروح الذي طال انتظاري لرؤاه أيها الضوء الذي أوسعت قلبي لهواه أيها النورالذي تشتاق عيناي سناه أيها الصوت الذي يظمأ وجدي لنداه أيها الغوث الذي أسعي حثيثا لصداه قد توليت إلي الظل فقيرا للقاه فمتي تشرق أنوارك في ليل التحجر؟ ومتي تهطل أمطارك في الوادي المصحر؟ إن قلبي ليموت... في سناء الملكوت، وضياء الرحموت،.. واقتدارالجبروت. سيدي إني فقير للمقر قد أقرّ.. وأفرُّ، من قضاء وقدر لقضاء وقدر وحياتي تنقص الأطراف فيها بالعجاف في حناياي جفاف في خلاياي انطماس، في ثناياي انشطار.. واعتقال في المغالق وانطمار في الفواتح والبدايات نهاية، والنهايات بداية قد مكثت العمر أسعي لأهز بجذوع النور علّي ألتقط أو أصطلي.. أو أقتطف .. أو اختطف ربما أظفر يوما ..ربما أقبس نورا.. ربما أوقد نارا... قد قضيت الأجلا سائرا وحدي مهلا ضاربا معه سبلا تاركا فيها الأهلا ضارعا بين تسابيح السناء: ألف، لام، شين ، جيم ، راء، تاء: (رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ)