ان تنتمي لوظيفة هذا شيء جميل جدا في زمن يكره فيه الموظف وظيفته.. والأجمل ان تعمل فيها بنظام اليوم المفتوح.. فالذي أسعدني ان التقي بالكابتن طيار علاء عاشور رئيس شركة خطوط مصر للطيران بعد الساعة الرابعة مساء وكان لتوه عائدا من سيمينار تنظمه إحدي شركات الإدارة الأجنبية لقيادات الشركة.. وحاولت ان أستأذن ظنا مني ان اليوم انتهي وعلي الرجل ان يستعد للانصراف.. وإذا بمدير مكتبه »باسم سامي عبدالكريم« يؤكد انه علي موعد مع مجموعة أخري من الخبراء.. فوجدت نفسي أسأله ومتي ينصرف.. فقال لي: نحن لا نترك مكاتبنا قبل التاسعة مساء.. وفهمت منه ان الكابتن علاء عاشور نجح في تثبيت العاملين معه في مكاتبهم حتي هذه الساعة وقد استثني »الموظفات« من التأخير حفاظا علي استقرار الأسرة.. معني الكلام.. ان الذي يحدث في مصر للطيران هو نوع من أنواع الانتماء لكل من يعمل تحت مظلة الفريق أحمد شفيق.. فقد تأثروا من إدارة هذا الرجل وفهموا ان العمل أمانة.. وأن العطاء لا يعرف التوقيت.. ولذلك تجد قطاعات الطيران المدني تعمل بفكر وريتم مدارس أحمد شفيق.. عطاء بنظام اليوم المفتوح.. من هنا أصبح العمل مسئولية ولم يعد وظيفة تخضع لمواعيد رسمية.. وهذا هو الذي رأيته في إدارة اللواء مهندس حسين مسعود رئيس الشركة القابضة لمصر للطيران.. الرجل قبل أن يتولي موقعه كان نائبا لرئيس الشركة.. وكان العاملون في الشركة ينصرفون إلي بيوتهم أما هو وطاقم مكتبه فيبقي في عمله حتي ساعات متأخرة من الليل.. ومع ذلك كان يبدأ في اليوم التالي في مواعيد العمل.. والذي أسعده ان تكون أكبر مكافأة له عن إخلاصه هي ترفيعه وترقيته إلي رئاسة الشركة القابضة.. صديقي هشام زهران مدير مكتب الفريق أحمد شفيق وزير الطيران وأحد تلاميذه المخلصين روي لي.. ان زميله عمرو نجاتي وهو أحد الشبان الذين يعملون بمكتب الوزير طلب منه أولاده زيارته في مكتبه لأنه اعتاد أن يعود إلي بيته والأولاد نيام.. هم يستيقظون مبكرا للذهاب إلي المدرسة ولم يقضوا معه إلا دقائق.. وعندما اشتاقوا إليه طلبوا زيارته في المكتب.. هذا المشهد رغم انه طبق الأصل لمشهد مماثل مع هشام زهران، ومع ذلك فهو فخور بعمله مع صانع القرار.. ولهذا السبب وهب حياته لوظيفته رغم ان عائد الوظيفة الحكومية ضعيف لأي مسئول.. لكنه يري ان العمل مع أحمد شفيق لا يترجم إلي رقم.. فالذي يعوضه ثقة الوزير فيه.. فهي عنده أرفع وسام علي صدره.. - السؤال هنا لماذا لا نحبب الموظف في الوظيفة.. لماذا أصبحت الوظيفة مقبرة يدخلها الموظف وهو يتطلع إلي الساعة التي يغادرها.. ومن يتابع يجد أن نسبة التزويغ بين موظفي الحكومة عالية جدا.. إما في مأمورية.. وإما في صلاة الظهر.. وحجج كثيرة يختلقونها للتزويغ.. - وفي اقتراح لأحد الباحثين الشبان يطلب فيه عمل دورات للعاملين بهدف ترغيبهم في الوظيفة.. وصرف مكافآت تشجيعية شهرية للموظفين الذين هم أكثر انضباطا.. وفي رأيي ان هذا الاقتراح أو غيره لا يزرع الانتماء في الموظف العام.. فالانتماء هو غريزة في الإنسان.. والعمل علي أحيائها يحتاج إلي قيادات إدارية ناجحة كالتي نراها في مدارس أحمد شفيق.. من هنا أصبح الانتماء في قطاع الطيران المدني وبالذات الشركة القابضة التي يرأسها اللواء مهندس ابراهيم مناع الانضباط والعطاء فيها عشرة علي عشرة.. وقد رأينا ثماره في تعدد المطارات الجديدة التي شرفت وجه مصر.. إما عن مصر للطيران فقد أصبح الزبون هو الذي يسعي إليها بدون أي إعلان والسبب ارتقاء الخدمة فيها.