خير اللهم اجعله خير.. يقولها النائم حين يصحو من كابوس ثقيل جاسم علي صدره، شعر خلاله بالخوف والذعر، وقد سمي بن سينا الكابوس بالخانق وفي اللغة العربية بالجاثوم، فهو مرض يحس فيه الإنسان عند دخوله في النوم خيالاً ثقيلاً يقع عليه، ويعصره ويضيق نفسه، فينقطع صوته وحركته، ويكاد يختنق لانسداد المسام. وإذا انقضي عنه انتبه..! وقد عددت مدارس علم النفس أنواع الكوابيس ومنها أنه يعود لمشاعر الغيظ والغضب التي يتم كبتها أثناء اليقظة لتنفجر أثناء الليل وتتحول إلي كابوس يهدد بالموت والفناء، وهذا ما شعرت به وأحسسته كمعظم المصريين طوال عام كامل أحسسنا فيه بقمة القلق والتوتر، كأن شيئاً أثقل من الجبال قد جثم علي صدورنا وكدنا أن نموت اختناقاً، عام كامل من الأزمات المتتالية والمتلاحقة، عام كامل شعرنا أن الوطن يضيع من تحت أقدامنا بعد أن استبيحت حدود مصر بشكل لم يحدث من قبل، واصبحت مرتعاً لمهربي السلاح والجماعات الإرهابية، عام كامل احتملنا حكم الإخوان وقلنا لعلً وعسي يريد الله بنا خيراً، وبالفعل أراد الله بنا الخير لنفيق من الغمة وليعلم الجميع بما فيهم البسطاء عن هذه الجماعة مالم يكونوا يعلمون، وبدأنا في التساؤل متي نفيق من هذا الكابوس؟. ومتي يبدأ الحلم في التحول إلي واقع..!، ومضي الآن أسبوعان علي الإفاقة من الكابوس رغم وجود بعض توابعه التي تؤرقنا، لقد دفعنا ثمناً باهظاً من أجل التخلص من هذا الكابوس ومازلنا، كان الثمن الكثير من الشهداء،دماء سالت وأناس اختفوا من حياتنا كنا نتمني أن يعيشوا معنا لحظة الإفاقة، لحظة بزغت فيها الشمس مشرقة وانقشعت الغيوم واحتضنت فيها السماء الأرض المصرية الطاهرة، واستنشق المصريون هواءً مصرياً نقياً.بعد أن فاجأ الشباب والشعب المصري العالم بثورته وشجاعته علي تغيير الواقع المؤلم وأثبت أنه مازال قادراً علي المزيد من المفاجآت، والحقيقة التي لا تقبل النقاش أننا ورغم كل ماتحقق مازالت توجد بعض الكوابيس التي تؤرق منامنا، مايحدث في سيناء الغالية ووجود الجماعات المسلحة التي تعمل القوات المسلحة علي غلق منابعها، وجود بعض أنصار النظام السابق يهددون ويثيرون القلق في بعض ميادبن مصر ويحرض قيادتهم بالتفجير والتخريب والقتل ويستقوون بالخارج تحت ستار الشرعية رغم أن عقارب الساعة لاتعود للوراء. لا أدري سبباً لكثرة الاعتذارات في التشكيل الوزاري الجديد لحكومة الببلاوي، نحن في وقت عصيب يتم فيه بناء مصر الجديدة بعد أن أصابها العوار بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير بسبب الانحدار الشديد عن تحقيق أهداف الثورة والسير في الطريق الصحيح، المهمة صعبة وعلي الجميع تقاسم الخروج بالوطن من عنق الزجاجة، والشعور بالوطنية والمسئولية يحب أن يكون المبدأ الأول للمرشحين لمناصب الوزراء، فلماذا يحجمون عن تحملها..! من بوادر الإفاقة من الكابوس أن أري ماتناقلته وسائل الإعلام عن ترشيح عدد من النساء القديرات لمراكز الوزاراء، إيناس عبد الدايم للثقافة، د. درية شرف الدين للإعلام، د. ليلي راشد للبيئة، داليا السعدني للبحث العلمي، د. مها الرباط للصحة والسكان، فهل أنا أحلم، أم أن هذا حقيقي، إنه بحق يؤكد أننا نسير في الطريق الصحيح تحقيقاً لمبدأ المساواة وإعمالا لمعايير الكفاءة، وإنصافا لها بعد أن ظُلمت لعهود طويلة، ويحقق مبادئ الحرية والديموقراطية الحقيقية، فللمرأة نضالها الذي لا تخطئه العين في بناء الوطن، وخبرات الكثيرات منهن في جميع المجالات لايمكن لجاحد أن ينكرها، فلدينا العديد من النساء اللائي تقلدن مناصب حساسة وشهد لهن التاريح بكفاءتهن منهن علي سبيل المثال الدكتورة حكمت أبو زيد، والدكتورة عائشة راتب والسفيرة الدكتورة ميرفت تلاوي.