يبدو ان عجلة العنف بدأت الدوران وهي تتنامي بقوة الدفع الذاتي ورد الفعل والغضب وغياب الارادة السياسية لدي جميع الاطراف لكبح هذا العنف ووقف نزيف الدماء المستمر لابناء الوطن. وبدلا من ان تصبح اليد الطولي للحكماء الذين يجمعون بين جميع الاطراف اصبحت اليد الطولي هي لتجار السلاح والمهربين الذين دفعوا اموالا طائلة لشراء وتهريب السلاح ليس بهدف تخزينه ولكن لتحقيق المكاسب من وراء بيعه وهو ما لا يتحقق الا في ظل نار مشتعلة تحرق الاخضر واليابس. وقوانين السلاح تختلف عن قوانين الاغلبية والأقلية في النظم الديمقراطية التي تجعل السيادة للاغلبية وتحترم وتقدر الاقلية ولغة السلاح هي للاقوي الذي يملك سلاحا اكبر وقوة مدربة ونوازع شريرة لا تلقي اهتمام بالضحايا او الارامل والثكالي كما انها لا تحترم لا اغلبية ولا اقلية انما من هو قادر علي الرد والردع وبالتالي فهو يقلب قواعد اللعبة المتفق عليها وادواتها ويخلق قواعد جديدة تقوم علي دكتاتورية الدم والقتل المفروضة علي الجميع فالذي لا يقبل هذا الواقع ليس امامه سوي الهجرة كما حدث في سوريا او انتظار الموت المباغت في اي لحظة وبلا اي اسباب والان نحن في بداية مشهد للعنف والدمار لتغيير قواعد اللعبة الديمقراطية التي حملت التيار الاسلامي الي سدة الحكم من خلال الاغلبية وايضا صاغت الدستور، ورغم مبادرة الرئيس للحوار وقبول التعديلات الدستورية واحالتها الي البرلمان المنتخب فان هناك ترقبا وانتظارا من الزعامات السياسية الانتهازية لما بعد 30 يونيو، اي عدم التعجل في الرد علي المبادرة وانتظار نتائج الحدث في 30 يونيو (هذا المقال كتب قبل عدة ساعات من 30 يونيو) ومع ذلك فان الامل المعقود علي حشود جماهيرية ضخمة هو وهم كاذب وفي اكثر الحالات لن يحتشد الا اعضاء الاحزاب والجماعات الثورية وعدد من العاطلين والبلطجية والصبية واطفال الشوارع فالشارع المصري غير مهيأ لقبول العنف او التغيير بهذه الطريقة وما فعلته حركة تمرد انها نقلت اساليب الترويع بيوم القيامة وهي اساليب لجماعات تتخفي في زي ديني وتعلن للملأ كل بضع سنوات موعدا محددا ليوم القيامة كان اخرها في شهر 12 في العام الماضي وعن طريق حالة الفزع والرعب التي تصيب الناس بسبب نهاية العالم تنشأ وتروج سلع وبضائع وصكوك غفران وتوبة وهو ما حدث بالنسبة ل 30 يونيو لدي العامة والنخبة معلنة تحديد موعد معين لحركة وثورة في عقول اصحاب الدعوة مثل يوم القيامة واستغلال حالة الترقب والقلق في خلق حالة للعنف والعنف المضاد اما الثورة الجديدة الثانية فهي مجرد خيالات وليس كل حشود ولا حتي الملايين التي خرجت لتأييد الرئيس هي ثورة للتأييد لان الثورة هي حركة للشعب كله نحو هدف واحد تدفع الغالبية للنزول من اجله اما الاخرون فهم اما مؤيدون للثورة وفعالياتها او غير معترضين الا علي اشياء في الفعاليات والنتائج ولكن بدون موقف ايجابي وعندما يصبح في حالة انقسام بين اغلبية واقلية فلا خروج الاغلبية ثورة كما حدث في الجمعتين الاخيرتين ولا خروج الاقلية سواء كانت كبيرة او محدودة هو ثورة وفي هذه الحالة اي حالة خروج الطرفين فلا توجد مشاكل كبيرة اذا كانت التعبيرات سلمية وحضارية. اما في حالة غير ذلك فهذا يستدعي تدخل طرف قوي لاعادة الوضع الي الحالة السلمية وبالطبع هذا الطرف وفقا للدستور هو الرئيس الا ان استباق الاقلية الوضع وطلبها رحيل الرئيس جعل الوضع معقدا ويشكل خطورة علي كل اجهزة الشرطة والجيش فوجود تناحر واسع في المجتمع ممكن ان يلقي بظلاله علي منظمات الدولة العسكرية والشرطية ينتقل اليها حالة الاستقطاب ويهدد وحدة جهاز الشرطة او مؤسسة الجيش ولذلك فلا يجب ان يقف الجيش سلبيا في حالة نزوله الي الشارع بل يضع مطالب قومية »اي لا تمس الخلافات« ولكن تضع برنامجا للتلاقي والحوار ووقف كل فعاليات الاعتصام والتظاهر والتناحر وعمليات القتل والحرق والتوصل لمبادئ تتفق مع الاسس الدستورية والقانونية مع اجراءات عنيفة ورادعة ضد كل الاطراف غير الجادة في الحوار او التوصل لحلول او تنفيذ الاتفاقات.