مصطفى يونس وجوه ملونة.. قلوب مظلمة.. إذا رأوك ابتسموا في جهك.. قابلوك بوجه أبي بكر وقلب أبي لهب.. شعور " قذر" عندما يتحول حب البشر لك إلي نفاق.. لمكانتك أو منصبك أو جاهك.. عندما ندوس بالأقدام علي الأخلاق.. تطفو علي وجوهنا الغيرة والحقد والحسد.. وقتها نتربع علي قمة الرياء.. نتسابق لمسح الجوخ.. نسعي لتقديم القربان لأسيادنا.. جلسنا سويا كأصدقاء نقضي العطلة الأسبوعية معا.. نشرب الكوب الخامس من الشاي فللأسف الشديد لا يوجد غيره بالمنزل.. تتصاعد أعمدة الدخان من الشيشة فهي واحدة ونحن ثلاثة أصدقاء.. لحظات.. رأيتني أتحدث تلقائيا لأصدقائي المخلصين.. عادت بي الذاكرة الي شهور مضت.. مشهد عايشته علي مدار يومين كاملين.. يوم أن كنت وزيرا.. صدر قرار من المجلس العسكري بتكليف الدكتور الجنزوري بتشكيل حكومة إنقاذ وطني.. فرحنا كشباب ثورة نري في هذا الرجل عقلية اقتصادية من شأنها انقاذ البلد بعد الخراب الذي حل بها نتيجة الفهم الخاطئ للثورة.. قرر الدكتور الجنزوري أن يستعين بالكفاءات في حكومته.. أن يكافئ شباب الثورة بأن يسند الي عدد منهم حقائب وزارية.. طلب من الائتلافات والحركات الثورية تقديم ما لديهم من خبرات وأسماء للمساهمة في حكومته " المنقذة ".. تكدست ملفاتنا علي مكتب رئيس الوزراء.. هلل الثوار.. زغردت النساء.. توهم الجميع ان الثورة نجحت.. فوجئت مثل غيري من أبناء الشعب المصري بتسريب أخبار عن أسماء شخصيات وزراية.. تلقيت مئات الاتصالات من " الأصدقاء.. الزملاء.. الأقارب " للتهنئة بعد نشر خبر ترشيحي وزيرا بالعديد من الصحف ومواقع النت.. ساعات وتم اعلان تشكيل الحكومة لتخلو كالعادة من الثوار وتصبح الترشيحات والمقابلات مجرد أوهام.. وفجأة ظهر كل واحد علي حقيقته ، وتحول المنافقون والأفاقون الي سراب.. هنا تذكرت كلاما جميلا للشيخ الشهيد سيد قطب: أن هؤلاء هم العبيد بعينهم الذين يهربون من الحرية، فإذا طردهم سيد بحثوا عن سيد آخر، لأن في نفوسهم حاجة ملحة إلي العبودية ولديهم رغبة جامحة دائما تبحث عن الذل والمهانة.. لابد لهم من إشباعها، وتراموا علي الاعتاب يتمسحون بها ويسبحون بحمد سيدهم الجديد.. إنهم لا يدركون بواعث الأحرار للتحرر، فيحسبون التحرر تمرداً، والاستعلاء شذوذا، والعزة جريمة، والكرامة خطيئة، ويصبون جام غضبهم علي الأحرار المعتزين، الذين يرفضون السير في قافلة الرقيق. قبيلتا «النجمية والبلابيش» في وقت اختفت فيه الرجولة ، وظهر أشباه وأنصاف الرجال وتراجعت فيه القيم ، وتعالت فيه النعرات الكاذبة ، وحاول الجبناء أن يستأسدوا علي أصحاب البلدان والتاريخ ليؤججوا نار الفتنة بين الأشقاء وأبناء العمومة من قبيلتي "النجمية والبلابيش" بنجع حمادي ، لتظهر سريعا القامات العظمي أمثال " اللواء طارق رسلان حفيد شيخ العرب همام والنائب فتحي قنديل زعيم قبيلة النجمية والنائب أحمد مختار زعيم البلابيش .. أسود هوارة.. ذئاب الجبل.. أصحاب الأيدي النظيفة والبيضاء.. ليوقفوا نزيف الدماء ويذهبوا الي العائلتين ويخمدوا نار الفتنة ويوجهوا رسالة شديدة اللهجة الي من تسول له نفسه أن يقترب من عرين الأسد.. أن "النجمية والبلابيش إيد واحدة" بينهم صهرا ونسبا.. فالنجمية هم من وقفوا بجانب ابن عمهم أحمد مختار وأكرموه بالآف الاصوات في الانتخابات البرلمانية وكانوا أسودا علي صناديق الانتخابات وهم دوما كذلك.. والبلابيش أحد الاذرع الرئيسية في بناء دولة هوارة منذ اجدادنا الفراعنة بجانب أبناء العمومة من الهمامية .. أكتب هذه الكلمات بعد أن تلقيت اتصالات عديدة من شخصيات أغضبها الموقف الذي اتخذته للحفاظ علي وحدة الصف من أبناء عمومتي. أم العواجز قلوب خاشعة.. عيون دامعة.. الجميع ييكي علي أعتابها.. الآلاف يسألون حاجاتهم علي بابها.. الوافدون تركوا اهلهم عشقا لها.. مشهد رهيب.. عشرات الالاف جاءوا اليها من كل فج عميق.. تجمعوا في ليلتها الكبيرة.. فمنهم من يستمع لمداح الرسول ياسين التهامي وهو يغرد " لذنا بكم ياآل بيت نبينا.. فدياركم منها يفيح الطيب ".. ومنهم من يتمايل علي قصائد أمين الدشناوي وهو يردد " الي رحاب النبي.. الي ضياء الكوكبي.. هيا بنا إلي النبي ".. وفي الثالثة فجرا.. سكت العاشقون.. رفعوا أكف الضراعة لرب العالمين.. قائلين: جئنا اليك ياربنا مستغيثين.. فنحن عشاق أم العوجز "السيدة زينب".. رضي الله عنها وصلي الله علي جدها خاتم المرسلين .