جلست أم العيال تضرب أخماسا في أسداس وهي منهمكة في »تقميع« البامية، وراحت تكلم نفسها بصوت مسموع: كيلو البامية ب 81 جنيه.. ليه؟.. اكيد القيامة علي الابواب! تركت زوجتي، منهمكة بالحديث مع نفسها، ورحت افتح الباب لمحصل الكهرباء الذي اصبح زائرا غير مرغوب فيه، رغم محاولاته رسم ابتسامة صفراء، فالكل يتعارك معه بسبب فاتورة الكهرباء التي زادت اسعار شرائحها عدة مرات خلال الشهور الاخيرة رغم ان الصيف لم يبدأ بعد، ورغم كثرة انقطاع الكهرباء.. وبمجرد ان انتهيت من تجميع فلوس الفاتورة واغلقت الباب، رن الجرس مرة اخري.. لاجد ابتسامة صفراء جديدة لمحصل الغاز الذي يقسم ان القراءة سليمة، وان التسعيرة لم تزد، وكل ما زاد هو الخدمات.. وما ادراك ما الخدمات. تعكر اليوم عندما رن الجرس للمرة الثالثة لافاجأ هذه المرة بالبواب.. يطلب اجرته الشهرية، وحساب النور، والمياه بعد تقسيمها علي السكان، البواب يطلب زيادة، فالحياة نار وما يجمعه من السكان لا يكفي لاطعام اولاده عيش حاف.. هكذا قال لي. جلست في شرفة المنزل: اقسم المرتب واجيبه شمال، واجيبه يمين.. بلا جدوي.. تخليت عن كل متطلباتي، ومتطلبات المدام، علي أمل ان تتحقق المعجزة.. ولكنها لم تتحقق. فجأة افقت علي صراخ ابني: بابا حضرتك بتكلم نفسك منذ ساعة.. والحوار احتد!!