نشأت بموجب الدستور الذي أقره المصريون في نوفمبر الماضي عدة مجالس وهيئات جديدة، ومن ذلك المجلس الوطني للإعلام، والهيئة الوطنية للصحافة والإعلام ، كما حفلت مواد الدستور بالإشارة إلي القوانين التي تنظم المسائل التي عني الدستور بالإشارة إليها، وبعض هذه القوانين له صفة الاستعجال؛ كقانون رعاية أسر الشهداء والمصابين، وقانون تنظيم المظاهرات الذي يجري العمل علي إقراره بالفعل،. ولكن لا يقل عنهما في صفة الاستعجال من وحهة نظري- قانون إنشاء المجلس الوطني للإعلام، فلئن جنحت المظاهرات إلي التخريب الحسي، فقد مارست بعض وسائل الإعلام التخريب المعنوي؛ العقلي والوجداني، وتجاوزت ما وقعت عليه من التزامات. فالقنوات الفضائية التي تعمل من المنطقة الإعلامية الحرة وقعت علي الالتزام بأحكام ميثاق العمل الإعلامي العربي وهو مالا نجد له أثرًا علي أرض الواقع. وفق المادة 512 من الدستور، "يتولي المجلس الوطني للإعلام تنظيم شئون البث المسموع والمرئي وتنظيم الصحافة المطبوعة والرقمية وغيرها. ويكون المجلس مسئولا عن ضمان حرية الإعلام بمختلف صوره وأشكاله والمحافظة علي تعدديته، وعدم تركزه أو احتكاره، وعن حماية مصالح الجمهور، ووضع الضوابط والمعايير الكفيلة بالتزام وسائل الإعلام المختلفة بأصول المهنة وأخلاقياتها، والحفاظ علي اللغة العربية، ومراعاة قيم المجتمع وتقاليده البناءة". ويبدو أن واضعي الدستور تحسبوا للهجوم عليهم بدعوي تقييد الإعلام فقدموا "ضمان حرية الإعلام بمختلف صوره وأشكاله" علي "حماية مصالح الجمهور، ووضع الضوابط والمعايير الكفيلة بالتزام وسائل الإعلام المختلفة بأصول المهنة وأخلاقياتها". وهم علي كل حال لم يسلموا من الهجوم، كما لن يسلم منه في الغالب مجلس الشوري الذي ينبغي عليه البدء في إجراءات مناقشة وإعداد قانون المجلس الوطني للإعلام، مثلما ناقش قانون التظاهر. ولأن السلطة التشريعية أمامها شوط آخر في مجال الإعلام، مثل إنشاء الهيئة الوطنية للصحافة والإعلام، وسن قانون جديد وشامل للبث المرئي والمسموع، وقانون للمطبوعات والصحافة الإلكترونية، وقانون نقابة الإعلاميين، فإن وجود المجلس الوطني للإعلام يعد حاجة ضرورية، إذ سيمثل الجهة المختصة التي تعين السلطة التشريعية علي إدارة تلك الملفات الشائكة. تأسيس المجلس الوطني للإعلام يعد نقلة كبيرة في مجال الإعلام، تحتاج إلي فتح حوار موسع بشأنها مع الجهات الإعلامية المختصة للوصول إلي صيغة (يمكن) أن يرضي عنها (بعض) الأطراف، ولا أتوقع أكثر من ذلك، فإذا كان رضا الناس غاية لا تدرك، فإن إجماع الإعلاميين علي أمر ما.. شئ من المستحيلات.