ودع العالم امس السبت أحد أكبر نجوم كرة القدم البرازيلية والعالمية سقراطيس، هذا الطبيب الذي فضل الاستسلام لمهاراته الكروية عوضا عن ممارسة مهنته الاصلية، واللاعب الذي نشط على الساحة السياسية لنصرة القضايا التي اعتبرها عادلة. إنه الطبيب الذي لم يمتنع عن الاستمتاع بالتدخين وتناول الكحول، والرجل الذي رأى بفيدل كاسترو وتشي جيفارا ونجم البيتلز جون لينون القدوة بالنسبة اليه. انه اب لستة اولاد امضى فترة تقاعده بكتابة المقالات الشغوفة ان كان حول الرياضة او السياسية او الاقتصاد. فضل سقراطيس الاهتمام بدراسته اولا ونال شهادته في طب الاطفال، ثم تفرغ للكرة وهو في الرابعة والعشرين، واستطاع ان يثبت انه قادر على التفوق في الرياضة على غرار تفوقه في الدراسة، وبالفعل أصبح حالة خاصة في عالم الكرة الذي دخله متأخرا الا انه لمع فيه ونجح بامتياز بفضل شخصيته وحكمته وطبعا فنياته وموهبته انه البرازيلي سقراطيس او "الفيلسوف" كما يلقب. كان يفضل امتاع الجماهير على الفوز، ولانه رجل ذو مبدأ ضحى بمسيرته الاحترافية في الدوري الايطالي، الذي وصل اليه عام 1984 في صفوف فيورنيتا، وذلك بسبب المقاييس المادية التي تطغى على الكالتشيو وتفضيل الاندية للنتائج على حساب الفرجة. ولم يفكر طويلا قبل ان يعيد أدراجه الى البرازيل. وهناك وضع امام امتحان اخر، كان سياسيا هذه المرة بسبب نظام الحكم الديكتاتوري في البلاد، وكان اللاعب الوحيد الذي يبدي معارضته صراحة لما تعيشه بلاده من قهر وغياب للديمقراطية، وقاد مسيرة "دمقرطة" نادي كورينثيانز الذي كان يلعب له. قال: "بقيت في ميدان كرة القدم فقط من اجل اخذ الثقل السياسي، لمحاربة المجتمع القمعي الذي يقوده الجيش". لم يكن هناك أحد يقدر على الكلام بهذه الصراحة وأمام الملأ الا الفيلسوف ابن أحد العائلات البرازيلية المتوسطة من شمال البلاد، وبدأ ممارسة رياضته المفضلة في أحد أندية المنطقة المتواضعة، غير أنه فضل مواصلة دراسته في الطب على الكرة، وكان له ما أراد وحصل على دبلوم طب الاطفال عام 1979، ثم عاد الى الميدان الذي عشقه منذ الصغر. هذا اللاعب العملاق صاحب الطول الفارع كان يقدر على فعل كل شيء، فكان مفكرا جيدا في طرق اللعب، ومنظما لا يضاهى، وكذلك يستطيع تسجيل الاهداف، وتمكن من تسجيل 168 هدفا في 302 مباراة خاضها مع نادي كورينثيانز خلال خمسة مواسم، وقاد ناديه الى التربع على عرش الكرة في أمريكا الجنوبية. كما كان سقراطيس أحد منظري المنتخب البرازيلي، وبرز في صفوفه بقوة، وأدى معه أحسن مباريات مشواره الرياضي الذي لم يدم الا تسعة أعوام. بدأ مشواره مع المنتخب في 23 أغسطس 1979، خلال مباراة دولية ودية ضد الأرجنتين، حيث تمكن من تسجيل هدفين، وابتداء من عام 1980 قدمه له المدرب تيلي سانتانا شارة قائد الفريق، وهذا لم يكن اختيارا بقدر ما كان لازما. وفي نهائيات كأس العالم 1982 في اسبانيا كان الجميع يرشح البرازيل للفوز باللقب، الا أن المنتخب الايطالي فوت هذه الفرصة على سقراطيس وزملائه برغم تألقهم. وكانت مباراتهم امام الاتحاد السوفيتي احدى أفضل المباريات في هذا المونديال، حيث تمكن السوفييت من التقدم بهدف، وفي آخر اللقاء عدل سقراطيس النتيجة قبل أن يضيف ايدير هدف الفوز لمنتخب بلاده في الثواني الاخيرة من المباراة. وفي عام 1984 وافق هذا "الرجل الغريب"، الذي يعتبر الكرة وسيلة للمصالحة بين الناس، على الانتقال الى ايطاليا للعب في صفوف فيورنتينا، غير أنه وفور وصوله الى هناك لم يستطع تحمل ضغط الكالتشيو، واقتنع أن هذا العالم ليس عالمه وقرر العودة الى بلده حيث أكمل مشواره مع نادي فلامينغو. كما شارك مع منتخب بلاده في نهائيات كأس العالم 1986 التي اقيمت في المكسيك، والتي خرج منها من الدور ربع النهائي على يد فرنسا بعد مباراة لا تزال عالقة حتى الآن في ذاكرة متتبعي الكرة وتعتبر من بين أحسن المباريات في القرن الماضي. وغادر سقراطيس عالم الكرة فجأة في ابريل 1987 وفضل التفرغ لمهنته، معلنا بذلك نهاية مشوار فيلسوف ذي مبدأ مارس ذات يوم الكرة بأمانة واخلاص بعيدا عن الحسابات المادية التي صارت تلوث سماء هذه الرياضة لكنه لم يبتعد كثيرا فعاد ودافع عن الوان سانتوس (1988-1989) ثم بوتافوجو مجددا (1989) قبل ان يعتزل لحوالي 15 عاما ثم يعود الى الملاعب عام 2004 كمدرب ولاعب ولمدة شهر فقط مع فريق انجليزي من الدرجات الدنيا (جارفورث تاون). * نبذة عن سقراطيس: الاسم: سامبايو دي سوزا فييرا دي اوليفيرا، ملقب بسقراطيس تاريخ ومكان الولادة: 9 فبراير 1954 في بيليم (البرازيل) المركز: لاعب وسط أو مهاجم الأندية التي لعب لها: بوتافوجو (1974-1978) وكورينثيانز (1978-1984) وفيورنتينا الايطالي (1984-1985) وفلامنجو (1986-1987) وسانتوس (1988-1989) وبوتافوجو مجددا (1989) وجارفورث تاون الانجليزي (2004). وعلى الصعيد الدولي، خاض 60 مباراة سجل خلالها 22 هدفا. الانجازات: توج بطلا لولاية ساو باولو مع كورنثيانز أعوام 1979 و1982 و1983 توج بطلا لولاية ريو دي جانيرو عام 1986 مع فلامنجو. توج بطلا لكأس ريو عام 1986 مع فلامنجو.