في المرحلة الأولي للانتخابات الرئاسية, وقفت طويلا مترددا ما بين اختيار الدبلوماسي الخطير عمرو موسي, والمفكر الإسلامي الكبير د. محمد سليم العوا. فكلاهما لديه من المواصفات الموضوعية والخصال الشخصية ما يجعله أهلا للمنصب المرموق, لكنني تمكنت في النهاية بصعوبة من حسم أمري وانتخبت موسي, باعتبار ما لديه من خبرات حكم سابقة, وكرجل دولة من الطراز الأول له علاقاته الخارجية, عربيا وعالميا, ولا وقت لدينا حاليا لمن يتعلمون الحكم فينا! وللأسف لم يحظ أحدهما بثقة الأغلبية, لكن ذلك لم يحجب عنهما كل تقدير واحترام بعد انتهاء المنافسة وخروجهما من السباق, نظرا لسلوكهما الراقي والمتحضر, وقبولهما بكل رحابة صدر بالنتائج, علي حين طاش صواب غيرهما ممن خرجوا من السباق فاتهموا الجميع بالتزوير, ورأيناهم في أوضاع مخجلة (بالتحرير) من أجل الترويج لخرافة المجلس الرئاسي الذي يضم الفاشلين في انتخابات الرئاسة لكي يحكموا مصر! وبينما سلم د. العوا باختيارات الناخبين واحترم نفسه وكلمة الصناديق فارتفع قدره وعلا عند كل مواطن شريف, لم يكتف موسي بذلك الموقف المتحضر فحسب, بل زاد عليه استمراره في العمل الوطني المخلص من أجل المشاركة مع عقلاء القوم والمجلس العسكري في حل الأزمات الطاحنة التي نعيشها, فنحن بكل تأكيد في حاجة اليوم إلي مثل هذه الزعامات الوطنية المخلصة التي لا تتحزب, ولا تنتمي لجماعات أو تيارات هدفها الوحيد هو الوصول لسدة الحكم, ونشر رجالها في مفاصله وأرجائه كافة! إن الأغبية في مصر صاحبة الحق في مقولة الشعب يريد ليست هي المنتمية للتيارات الدينية المتشددة ولا فلول النظام السابق, بل هم المصريون الوطنيون الأحرار, الذين لم يعد بوسع أي جبهة أو حزب أو تيار يصل إلي الحكم, مهما تكن شدته, أن يستبد بهم أو يسلبهم حريتهم وإرادتهم وثرواتهم ومستقبل أبنائهم, سواء كان هؤلاء الحكام هم الإخوان المسلمين, أو الحزب الوطني, أو الثوار, فلاأحد.. أكرر لا أحد بإمكانه أن يفرض علي المصريين بعد اليوم أسلوب حياة لا يقبلونه.. أو أن يعيد إنتاج نظام سابق أسقطوه, والمتاجرة (بالخوف) من هذين الحكمين, هي ضحك علي الذقون من أجل جمع الأصوات لمرشح بعينه!!