" ساري ليس الرجل المُناسب لقيادة نابولي " هذا ما قاله مارادونا عن المدرب الجديد لنابولي ماوريسيو ساري، بعد أن حقق فوزًا واحدًا في أول خمسة أسابيع من الدوري الإيطالي. الرجل الذي جاء خلفاً لرافا بينيتيث حصد 6 نقاط فقط من أصل 15 مُمكنة. الآن مرت (14) جولة، و نابولي يتصدر ترتيب الدوري. في نابولي بإمكان مارادونا أن يقول ما يشاء، فهو الأسطورة الخالدة، و البطل الخارق، الذي كسر شوكة أندية الشمال و منح لقب الدوري لمدينة الجنوب. و رغم أن ساري لم يُعقب "لفظيًا" علي تصريحات مارادونا التي قللت منه كثيرًا، إلا أن الأسطورة الأرجنتينية عاد بعد شهرين ليُصرح قائلًا: " أعتذر لساري، أعترف بأني أسأت التقدير. " ما الذي فعله ساري خلال هذه الفترة ليدفع مارادونا إلى الاعتذار؟ الرئيس دي لاورنتس و المدرب ساري تغيرت نتائج نابولي انطلاقًا من الأسبوع السادس. حقق البارتينوبي الفوز في ثمان مباريات من أصل تسعة على مستوي الدوري، حصد الفريق أوروبيًا العلامة الكاملة في خمس مباريات اكتسح خلالها منافسيه، و ضمن بصفة مُبكرة تأهله إلى إقصائيات الدوري الأوروبي. الأمر الذي يُضفي قيمة أكبر على نتائج نابولي، هو أن الفريق يُقدم كرة قدم جميلة، و هجومية، بل أكثر من ذلك يتسم بالصلابة الدفاعية علي عكس المواسم السابقة. الفريق بعد (14) جولة أحرز (26) هدفًا، و استقبلت شباكه (9) أهداف فقط. أسابيع شهدت فوز نابولي على كبار الكالشو بدءًا من حامل اللقب يوفنتوس، ثم ميلان، و فيورينتينا، و لاتسيو، و إنتر. هؤلاء الذين تابعوا هذا الرجل في إيمبولي، لا يشعرون بنفس التعجب مما يقدمه مع نابولي. في الحقيقة نحن نُشاهد نُسخة أكثر تطورًا من إيمبولي الموسم الماضي. نعم، هذا النابولي، هو نُسخة مُحدثة، و أكثر قوة من إيمبولي، الذي كان يقوده ساري في الموسم الثلاثة التي سبقت هذا الموسم. حكاية ساري في إيمبولي أيضًا تستحق الاحترام. موظف البنك السابق، و الذي لم يكن لاعب كرة قدم قط في حياته، بدأ مسيرته المهنية في أندية صغيرة مع بداية التسعينيات. وتولى في 2012 تدريب إيمبولي في دوري الدرجة الثانية. خطة ساري في إيمبولي و في نابولي خلف الأضواء، و في بيئة تتسم بالهدوء، نجح ساري في وضع بصمته علي الفريق، و قاده في العام الثاني من توليه إلي العودة إلي دوري الدرجة الأولي بعد غياب دام ست سنوات. و الغريب أن ظهور ساري كمدرب لإيمبولي في دوري الدرجة الأولي صاحبه أيضًا شيء من الانتقاص، والتقليل. لكن ساري سُرعان ما بدد علامات الأستفهام التي حامت حوله، و إذا بنا نرى إيمبولي صلب، و قوي، وبشخصية مُذهلة بالنظر إلي إمكانياته كفريق. في سوق الانتقالات الصيفية لم يقُم نابولي بعمل كبير، هل يعكس هذا قلة ثقة في ساري؟ ربما. و لعل هذا وضع ضغوطًا أقل علي الرجل الهاديء، الذي حل في بيئة هي الأكثر صخبًا، و عشقًا لكرة القدم في إيطاليا. في الغرف المُغلقة كان الجدل كبيرًا بين ساري و أوريليو دي لاورينتس رئيس نابولي. ساري أراد تطبيق خطته في إيمبولي (4-3-1-2)، مع جلب أدواته من هناك و المتمثلة في سابونارا صانع الألعاب و فالديفيوري لاعب الوسط في السوق الصيفية. لكنه اصطدم بوجهة نظر رئيس النادي، الذي كان قد اتخذ قرارًا بالحد من الاستثمارات بعد سنوات من الانفتاح مع بينيتيث. ساري وجد الحل في إعادة ترتيب الأدوار، و التعامل مع ماهو متاح من أدوات، وهي بلا شك أفضل من تلك التي كانت في حوزته عندما كان في إيمبولي. الرجل أعاد إحياء ماريك هامسيك، و كاييخون. أضفى مزيدًا من التوهج علي لورينزو إينسيني. أعطي الدور القيادي الأول للمهاجم الأرجنتيني جونزالو هيجواين، الذي لم يُخيب ظنه، و أصبح أحد أفضل مهاجمي العالم في نهاية العام. القطعة الإضافية السحرية كانت لاعب وسط أودينيزي، البرازيلي ألان، الصفقة الهادئة التي استثمرها ساري بأفضل صورة ممكنة. رباعية نابولي في ميلان خطة ساري المُفضلة في إيمبولي تم استبدالها بخطة 4-2-3-1، التي تتحول إلى 4-3-3 في أحيان كثيرة. شكل هجومي مُختلف، لكنه أضفي نفس الانضباط الدفاعي الذي ميزه في إيمبولي. الفترة الزمنية التي احتاجها ساري للوصول بنابولي إلي صدارة الكالشو تُعطي مُؤشرات مُهمة عن المدي، الذي قد يصل له هذا الرجل مع الفريق مُستقبلًا خصوصًا بعد الحصول علي ثقة الجميع لاعبين، و جمهور، و إعلام، والأهم دي لاورينتس رئيس النادي، الذي بإمكانه أن يبدأ حقبة جديدة من الاستثمارات في الفريق الذي يبدو الآن أكثر قدرة علي المنافسة بجدية علي الفوز باللقب. هل يُعيد ساري الأمجاد إلى سان باولو؟ أربع عشرة جولة كانت كافية لساري في أن يُقدم أوراق اعتماده كمدرب من الفئة الأولى في إيطاليا، لكن فيما يبدو فالطريق مفتوح أمام هذا الرجل ليُصبح أحد الأسماء التدريبية التاريخية في إيطاليا، و لعل البداية الحقيقية تكون قيادة نابولي إلي الفوز بالسكوديتو الغائب منذ ربع قرن.