تمخض الجبل فولد فأراً، انتهت الاجتماعات المطولة لإدارة النادي الأهلي بقيادة محمود طاهر إلى التعاقد مع البرتغالي جوزيه بيسييرو مديراً فنياً للفريق الأول. قرار صاحبته حالة صخب عارمة في الأوساط الجماهيرية الساخطة من قبل على الإدارة، بسبب حالة الترهل الإداري التي يعيشها الفريق، والتي أدت بدورها إلى الخروج من الموسم " بخُفي حُنين " . لم يكن مطلوباً من إدارة محمود طاهر أن تدعو الجماهير لحضور الاجتماعات وأن تتخذ القرارات بنفسها، لكن في الوقت ذاته ليس من المعقول ألا تلتفت الإدارة للأرقام والتاريخ والحقائق التي لا تقبل الشك. الإدارة فيما يبدو دخلت في تحد " ساذج " مع الواقع بتعاقدها مع البرتغالي المتخبط تدريبياً، وهي الآن تحاول جاهدة أن تسوق إيجابياته التي لا يُمكن رؤيتها بالعين المُجردة. ويبدو أن إدارة الأهلي لم تكن تتمتع بحالة الصفاء الذهني الكافية قبل إقدامها على اتخاذ هذا القرار " غير المنطقي ". كما يبدو أن محاولة بعض المحسوبين على الإدارة السابقة بزج اسم مانويل جوزيه إلى قلب الحدث، جاء بنتيجة مفاجئة ودفع الإدارة دفعاً نحو اتخاذ قرار يغلب عليه طابع التحدي الصارخ للأصوات الأهلاوية الحكيمة وللجماهير في آن واحد. بطبيعة الحال لم يكن مطلوباً من إدارة محمود طاهر أن توكل المهمة إلى مانويل جوزيه حصراً، لكن في الوقت ذاته كان عليها أن تقدم البديل المُقنع ولو رقمياً. جوزيه بيسييرو، 55 عاماً، لم يمارس كرة القدم لاعباً، تخرج من أكاديمية مدربي كرة القدم، على غرار جوزيه مورينيو مدرب تشيلسي، حقق لقباً واحداً طوال مسيرته هو كأس البرتغال مع براجا في 2013، لكنه يتمتع بمسيرة حافلة بالتجارب المتواضعة. فشل في قيادة المنتخب السعودي للتأهل إلى كأس العالم 2010، وتمت إقالته بعد الخسارة أمام سوريا في كأس آسيا 2011. قاد ناسيونال ماديرا إلى الصعود إلى دوري الدرجة الأولى البرتغالي، وعمل مساعداً لمواطنه كارلوس كيروش في تدريب ريال مدريد موسم 2002/2003، له تجربة مخيبة مع سبورتنج لشبونةالبرتغالي، وأُطيح به، قبل أن ينتقل لتدريب باناثينايكوس اليوناني ليلقى نفس المصير بعد الفشل في تحقيق الحد الأدنى من أهداف النادي، انتقل إلى رابيد بوخارست الروماني ولم يكمل موسماً واحداً! له أيضاً تجربة مخيبة مع الهلال السعودي، وأقالته إدارة النادي بسبب عدم احترام اللاعبين له. تجربته كذلك مع الوحدة الإماراتي لا تبدو أفضل حالاً، وانتهى مآله إلى الإقالة. السؤال الآن هو، كيف تسنى لإدارة محمود طاهر أن تصل للقناعة، التي مكنتها من رؤية بيسييرو رجلاً للمرحلة، ومُنقذاً لفريق عابه غياب الانضباط وانكسار الروح بصفة أساسية. كيف لرجل مسيرته تحفل بالتجارب الفاشلة أن يأتي إلى بيئة تغلي كالبركان، ووتتلمظ غيظاً من حالة تخبط إداري غير مسبوقة. إدارة محمود طاهر فاجأت الجميع، وبدلاً من أن تقدم حلاً للمشكلة، إذا بها تُكابر و تصنع مشكلة أكبر، وفتحت باب الصدام مع محبي الأهلي على مصراعيه باختيارها لبيسييرو، وليس لعدم اختيارها مانويل جوزيه.