ما سر هذه الجلبة التي يثيرها رجب طيب اردوغان رئيس الوزراء التركي ضد الثورة المصرية المباركة في30 يونيو؟ من الواضح أن الرجل قد عقد الآمال الكبيرة جدا علي وصول الإخوان المسلمين إلي السلطة في مصر. لتعويض خسائره الإقليمية من جهة ومن أجل تمديد دوره الاقليمي وتنفيذا لدوره الوظيفي في خدمة مخططات واشنطن بالمنطقة من جهة ثالثة كان أردوغان يحلم أن يري مصر ولاية عثمانية بعد سرقة الاخوان للثورة المصرية وهذا يعكس قصورا في الرؤية أن أول ثورة عربية حقيقية ضد الاستعمار العثماني كانت من مصر عندما انتفض محمد علي باشا في مطلع القرن التاسع عشر ووحد مصر وسوريا وكاد يطيح حتي بالسلطان العثماني عندما وصلت قوات محمد علي إلي أبواب اسطنبول ولم يتراجع إلا بسبب المعارضة البريطانية لهذا التوسع, واستمرت مصر أكثر من أربعين سنة خارج السيطرة العثمانية وفي فترة محمد علي بالذات أمكن لمصر أن تخرج من قيود التخلف العثماني فعرفت نهضتها الأولي والأكبر علي كل الصعد, بل كان لمحمد علي الفضل في تأسيس الوطنية المصرية أما الدور الوظيفي فيعيدنا إلي مخططات حلف بغداد في الخمسينات الذي يعود لنا بثوب جديد هذه الأيام فقاعة سياسية جوفاء ينفخ فيها بعضهم تحت شعار الإسلام وهي بالمناسبة ليست مشروعا جديدا وإنما إحياء لفكرة قامت وماتت في فترة كا بعد الحرب العالمية الثانية لاستخدام الاسلام وهي فكرة صكت في الغرب شركة مساهمة بين الولاياتالمتحدة وبريطانيا وشريك أصغر سواء كانت إيران أو باكستان أو تركيا فكان حلف بغداد يحمل لافتة إسلامية وهو حلف سياسي عسكري عدواني وطبيعي بعد أن تكشفت حقيقة هذا الحلف أن يكوت بالسكتة القلبية فما كان لنبت طفيلي ظهر شيطانيا إلا أن يختفي فجأة كالاشباح من ذه التجربة الحرجة ومن تجاربه المريرة للتدخل المباشر في العراق وأفغانستان عاد الغرب إلي ميراثه القديم ليعدل تكتيكاته عبر الغزو من الداخل عن طريق التحالف مع أحزاب ترفع اليافطة الإسلامية المزدانة بشعارات الديمقراطية والتعددية وهي في جوهرها كارهة للديمقراطية محتقرة لها لكنها ترفعه تلك الرايات خداعا وتدليسا للوصول للحكم مرة واحدة وإلي الابد بدعم أمريكي مباشر فالولاياتالمتحدة التي طالما حمل كتابها وسياسيوها ومستشرقوها علي الإسلام وشهروا به وسخروا منه بل وازدادت تلك الحملة بعد سبتمبر2011 الآن يستخدمون العملاء من الداخل عبر تلك الأحزاب التي تحمل الرايات الاسلامية. * أردوغان دوره المرسوم في اطار ذلك المخطط, أن يكون الباديشاه رجب أردوغان( السلطان العثماني الجديد) الوالي علي تلك الولايات العربية تحت امرة وخدمة الأمريكي الخبير الإستراتيجي الأمريكي المعروف جورج فريدمان اختصر الحكاية في محاضرة له بالقول للأتراك: انسوا الاتحاد الأوروبي إنه ينهار الحتمية التاريخية تضطر الأتراك الان كما اضطرتهم في الماضي إلي إقامة إمبراطوريتهم وليس أفضل من المحيط الإسلامي والشرق أوسطي لهذا الهدف من هنا كان التأييد الأمريكي للاخوان في مصر وتونس وغيرهما ليكونوا تحت العباءة الأردوغانية للقيام بالدور الوظيفي في الحلف الإسلامي الجديد الذي اعدته وشنطن وجعلت صدارته في العمق ولكن في القلب والظاهر كان المخطط أن تكون مصر رأس الحربة, مصر التي أسقطت الأحلاف الاستعمارية أراد لها الإخوان المسلمون رأس رمح هذه الاحلاف المشبوهة!, فالجديد أن تلك الأحلاف الإسلامية كانت علي التخوم وكان جسم الحلف الإسلامي القديم يقع أغلبه في العالم الاسلامي غير العربي ولا يمس العالم العربي إلا في هوامشه فإن جسم الحلف الإسلامي الأمريكي الجديد أساسا في العالم العربي يريدون تذويب القومية العربية وتمييعها كيماويا وتفتيتها وتمزيقها ميكانيكيا للأبد وتمزيق العالم العربي في حروب طائفية ومذهبية, إنه بمثابة مشروع حرب أهلية داخل العالم العربي نفسه هو نوع من الحرب التجويفيةBoreWar التي تسعي إلي تقويض الجبهة من الداخل بالغزو والتخريب مع القضاء نهائيا علي القضية الفلسطينية وتمكين إسرائيل الأبدي ومن هنا كانت عبارات الود الشديد بين اسرائيل وإخوان مصر. * لذلك كان سقوط حكم الإخوان المسلمين في مصر ضربة قاضية لكل البناء الذي اشتعل عليه أردوغان تثبت ثورة30 يونيو أن لمصر دورها العروبي الثابت الذي لا يتغير وإن كان يخبو أحيانا, وهو المنظار الذي بات يشكل خطرا علي سلطة أردوغان داخل تركيا نفسها ومن علاماته انتفاضة تقسيم الأخيرة التي قامت أساسا وعلنا اعتراضا علي الاستبداد الإخواني الذي يمارسه حزب العدالة والتنمية. خبير في الشئون السياسية والاستراتيجية رابط دائم :