إذا دققنا فيما حدث من إجراءات سياسية منذ الثالث من يوليو وحتي الآن, سوف نلحظ أنها لاتتسق مع طموحات ثورة25 يناير ولاتحقق أهدافها, بل تفرض واقعا جديدا منحازا للثورة المضادة بامتياز, والشواهد علي ذلك كثيرة: أولا: رئيس غير منتخب من الشعب. ثانيا: تعطيل الدستور الذي استفتي عليه الشعب. ثالثا: إصدار إعلان دستوري لايلبي الحد الأدني من أهداف الثورة, بل يعيدنا بسرعة إلي ماقبل25 يناير2011, في حين أن الإعلانات التي أصدرها من انتخبه الشعب ليحقق أهداف ثورته, اتفقنا أو اختلفنا معها, كانت تقابل بضجيج وصياح غير مسبوق, والآن صمت الجميع. رابعا: تشكيل حكومة بعضها من المنتمين للحزب الوطني المنحل, والبعض الآخر من المنتمين لاتجاهات سياسية بعينها وليس لهم رصيد كاف من الخبرة الفنية, عكس ما أعلن عن تشكيل حكومة كفاءات لاتحمل أية توجهات سياسية, كما تم تجاهل شباب الثورة الذين تحدث بيان الجيش في3 يوليو عن تمكينهم, ولم نجد لهم حضورا يذكر, فضلا عن أن عددا من الوزراء يحملون جنسيات مزدوجة وآخرين ليسوا فوق مستوي الشبهات ومنهم متهمون في قضايا كسب غير مشروع. خامسا: الهجمة المضادة علي أغلبية الشعب التي انحازت للشرعية عبر استفتاءات وانتخابات عدة, ومن مظاهر هذه الهجمة: إغلاق القنوات الفضائية المؤيدة للنظام السابق, والتضييق علي الصحف الموالية, وإجراء حملة اعتقالات لرموز كانت في مناصب قيادية حتي ليلة3 يوليو, والإمعان في قلب الحقائق عبر كل وسائل الإعلام الرسمية والخاصة, وتشويه صورة الإسلاميين بكل السبل, واتهامهم بالإرهاب. سادسا: الهجوم علي المتظاهرين السلميين الرافضين للمسار السياسي الحالي الذي يعتبرونه انقلابا عسكريا مكتمل الأركان, وكانت قمة المأساة عندما قتل بلطجية مدعومين من قوات الشرطة20 مواطنا وأصابوا ثلاثمائة عند جامعة القاهرة مساء3 يوليو, وعندما أطلق مجندون بالجيش والشرطة الرصاص الحي علي المعتصمين أمام دار الحرس الجمهوري صبيحة الاثنين8 يوليو(ثابت بفيديوهات منشورة عالميا), مما أدي إلي مقتل أكثر من مائة شهيد, وجرح أكثر من ألف, ولم تتوقف أعمال القتل والترويع للمتظاهرين والمعتصمين حتي الآن, ثم تكتمل الجريمة بتسويق كلام عبر وسائل الإعلام يعكس هذه الحقائق تماما ويحمل الضحايا مسئولية تلك الجرائم! سابعا: تشكيل لجنة قانونية غير منتخبة شعبيا أيضا لتعديل دستور2012, وبالطبع ليس هناك أية ضوابط لهذا التعديل لضمان الشفافية وليعبر حقيقة عن إجماع شعبي, وتوافق طالما نادي به المعارضون لنظام الرئيس المنتخب. ثامنا: عدنا بقوة إلي الاسطوانات المشروخة لبعض الاجهزة في صورة تعبر عنها أخبار منشورة تتهم قيادات من التيار الإسلامي وأحزابه ب التخابر مع جهات أجنبية, بقصد الإضرار بالمصلحة القومية للبلاد, وقتل المتظاهرين السلميين والشروع في القتل والتحريض عليه وإحراز أسلحة ومتفجرات والاعتداء علي الثكنات العسكرية, والمساس بسلامة البلاد وأراضيها ووحدتها, وإلحاق أضرار جسيمة بمركز البلاد الاقتصادي, وذلك باستعمال القوة والإرهاب. مع مالحق ذلك من إجراءات بالتحفظ علي أموال قيادات إسلامية. تاسعا: منعت إدارة سجن طرة دخول المحامين لحضور التحقيقات مع المعتقلين علي خلفية أحداث الحرس الجمهوري, وجلسة الاستئناف علي قرار حبس المتهمين في القضية المنظورة أمام جنح مستأنف مصر الجديدة, كما منعت إدارة سجون طرة زيارة أهالي المتهمين ورؤيتهم. والأدهي أن دائرة محكمة الاستئناف انتقلت إلي سجن طرة خصيصا, بدلا من أن تعقد جلستها في مقر المحكمة, في مخالفة صريحة للقانون, مما تعذر معه تقديم المحامين الدفوع. عاشرا: تشبهت السلطة الحالية بملوك وفراعنة مصر القديمة الذين كانوا يفضلون محو أي أثر لمن قبلهم, دون النظر إلي مايخص الناس ويحقق مصالحهم, فبدأت القرارات الناسفة لما قرره الرئيس المنتخب ووزراء حكومته, دون مراعاة مصالح المواطنين وآمالهم التي كانت معلقة علي تلك القرارات, واتخذت بالفعل إجراءات من شأنها أن تعيد عقارب الساعة إلي الوراء, وهناك تفاصيل كثيرة يصعب ذكرها. إن فرض الأمر الواقع سياسيا, والقفز فوق الحقائق والبدهيات, وتجاهل المتظاهرين والمعتصمين الرافضين لما يحدث والمنادين بعودة الرئيس المنتخب, لايمكن أن يقودنا إلي ديمقراطية حقيقية أو استقرار علي المدي القريب والبعيد. [email protected]