لا يمكن لأحد أن ينكر أن هناك أهمية كبري لمنبر المسجد ومن يقف عليه في تشكيل عقول الناس خاصة في القري والمناطق ذات المستوي الاجتماعي والتعليمي المتدني. فالخطيب أو الإمام بالنسبة لهم هو المرجع الأول والأخير في كل مايتعلق بأمورهم الحياتية والدينية ومايقوله هو ذاته مايأمر به الدين من وجهة نظرهم. وبعد ثورة25 يناير انحرف المنبر عن دوره ومازال هذا الدور في طريقه للانحراف من خلال خطبة الجمعة أو الدروس الدينية في المدارس دون رقيب أو حسيب, الأمر الذي دفع عددا من الدعاة والأئمة مؤخرا للمطالبة بوضع ميثاق شرف للدعوة للحفاظ علي ماأسموه بالمنهج الوسطي مؤكدين أن الهدف من الميثاق محاربة فوضي الخطاب الديني, وبرر مراقبون سبب المناداة بهذا الميثاق بأن المنابر عقب الثورة منحت شهادة ميلاد جديدة للأئمة الذين ظلوا قابعين تحت طغمة النظام السابق, يحددون لهم نوعية الخطبة, بشكل يخدم النظام ويتغاضي عن أخطائه وفساده. من جهته قال الشيخ عبد العزيز رجب مفتش دعوة بوزارة الأوقاف وعضو كل من الاتحاد العالمي للمسلمين والمجلس العام لنقابة الدعاة أن المسجد في الإسلام له أهمية كبري, ولذلك كان أول بيت وضع للناس المسجد الحرام( إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا وهدي للعالمين) آل عمران:96, ومن أول الأعمال التي قام النبي بفعلها بالمدينة بعد الهجرة مباشرة بناء المسجد, وظل المسلمون يتنافسون في بناء وتعمير المساجد علي مدار التاريخ, يبنون البنيان ويعمرونه بالناس من صلاة وحلقات علم وتدريس للعلوم الدينية والدنيوية, وظل المسجد يؤدي دوره الفاعل علي مر العصور, فهو محراب للعبادة, وهو جامعة للتعليم, وهو سفارة الإسلام لاستقبال الوفود, وهو بيت الضيافة, ومجلس للشوري, ومحكمة للفصل بين الناس, فكان المسجد جامعا وجامعة. وأثبت المسجد أنه أكبر وسيلة إعلامية تؤثر في الناس, فالناس تحن إلي المساجد لأنها بيوت الله وتثق في أئمتها لأنهم يحملون نور الهداية ومنهج الوسطية, وظهر ذلك جليا في ثورة25 يناير, ومابعد الثورة من أحداث, ووجدنا كيف كممت الأنظمة السابقة أفواه الدعاة, وأغلقت المساجد, ووضعت عليهم جهاز أمن الدولة الذي كان جل شغله علي الأئمة والدعاة والمساجد. ويضيف رجب أن ثورة25 يناير كما أعادت الحياة لمصر وشعبها أعادت الحياة مرة أخري للمساجد وأئمتها ودعاتها, فانطلقت المساجد وبدأ الدعاة يستعيدون دورهم في الحياة العامة, وتوجيه الناس نحو الترابط والوقوف ضد المخربين والفاسدين. ويضيف قائلا لابد أن ينخرط المسجد في العمل العام ولابد للإمام ان يبصر الناس بحقائق الأمور لكن دون توجيههم أو تحزبهم لحزب او جماعة معينة, فالمسجد يجمع ولايفرق, يوحد ولايمزق ونقول لهم: إياكم أن تمنعوا مساجد الله أن يذكر فيها اسمه وتسعون في خرابها وإلا كنتم من أشد الناس ظلما, كما قال سبحانه ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه وسعي في خرابها أولئك ماكان لهم أن يدخلوها إلا خائفين لهم في الدنيا خزي ولهم في الآخرة عذاب عظيم البقرة:114 والحمد لله في وقت الشهدة ووقت المحنة يعرف الناس أن المساجد بيوت الله تلجأ إليها وتدعو الله فيها لأن الله قال عنها وعن روادها في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له فيها بالغدو والآصال رجال لا تلهيهم تجارة ولابيع عن ذكر الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة يخافون يوما تتقلب فيه القلوب والأبصار( النور:37,36). في حين قال الشيخ صلاح نصار رئيس اتحاد الأئمة وإمام الجامع الأزهر سابقا والمشرف علي الدراسات العلمية بأروقة الجامع الأزهر حاليا أن دور المسجد في الأساس العمل علي إصلاح الفرد والمجتمع وهو مايستلزم أن تكون هذه المؤسسة مستقلة تماما عن أي تيار أو حزب سياسي لأن المسجد يجمع ولا يفرق ولايمكن لإمام أن ينحاز إلي فصيل معين دون أخر بل الوقوف علي قدم المساواة من الجميع. وأوضح أن رسالة المسجد الأساسية هي أن يعرف الانسان علاقته بربه وبنفسه وبالناس من حوله وهو الدور الذي أقره الدين الإسلامي. إلا أن المسجد والكلام علي لسان نصار انحرف عن دوره في بعض الأحيان وحاول بعض الأئمة والخطباء تدعيم بعض الفصائل والاحزاب من علي المنابر وأبعدوا المسجد عن دوره المنوط به وهذا كله نتيجة عدم اخضاع الدعاة لمنهج الأزهر الوسطي المعتدل الذي يدعو إلي أن يكون الناس علي كلمة سواء. وأشار الي أن بعض التيارات الاسلامية المتشددة اعتلت منابر المساجد وأخذوا يكفرون الناس واشاعوا بذلك العداوة والبغضاء بين أفراد المجتمع وهذا يخالف ماقاله رسول الله صلي الله عله وسلم حينما قال: من قال لأخيه ياكافر فقد باء بها أحدهما مايعني أن من يكفر شخصا فإما أن يكون الشخص كافرا وإما أن ترد إلي قائلها وهذا تحذير نبوي من تكفير الناس. وأضاف نصار أن هؤلاء القلة اعتلوا المنابر دون رقابة خاصة وأن اعتلاء المنابر في يد أكثر من جهة أولها وزارة الأوقاف ثم هناك الجمعية الشرعية وجمعية أنصار السنة المحمدية وغيرهما كثير والمسألة أصبحت فوضي بكل ما تحمل الكلمة من معني محملا المسئولية في ذلك في المقام الأول علي وزارة الأوقاف لأن معظم أئمة المساجد مدرجون بها. وشدد علي ضرورة أن يعود المسجد لدوره في تعريف الناس بأهمية الوحدة كما جمعنا الله علي كلمة التوحيد وأن يكون الإمام علي قدر المسئولية التي يتطلبها دوره وألا يتفوه بالكلمة الهادفة التي تجمع ولاتفرق ليقي البلاد شرور الفتنة التي لاتؤدي إلا إلي مالا تحمد عقباه.