لايحظي الكثيرون من جامعي الحديث ومدققي روايته ومتحري صحته وموثقي واياته بالمكانة التي يحظي بها الإمام مالك بن أنس إذ يطلق عليه علماء الحديث الإمام المتقي الثقة إمام أهل السنة والجماعة. وهو أبو عبدالله مالك بن أنس بن مالك بن أبي عامر بن عمرو بن حارث وقالا عن أمه إنها العالية وقيل الغالية بنت الشريك الأزدية. ومالك جد الإمام من كبار التابعين وروي عن عمر وطلحة وعائشة وأبي هريرة وحسان بن ثابت وقالوا عنه إنه من أفاضل الناس وأحد الأربعة الذين حملوا عثمان بن عفان ويعد كتابه الموطأ واحدا من أهم الكتب التي جمعت أحاديث النبي صلي الله عليه وسلم الصحيحة والموثقة والذي كتبه بيده حيث اشتغل في تأليفه ما يقرب من40 سنة. واعترف الأئمة له بالسبق علي كل كتب الحديث في عهده وبعد عهده إلي عهد الإمام البخاري, وقال عنه الإمام الشابعي: ماظهر علي الأرض كتاب بعد كتاب الله أصح من كتاب مالك. وقد ولد مالك بن أنس في ربيع الأول سنة93 ه الموافق712 م بذي المروة نزل أولا بالعقيق ثم نزل المدينة المورة. نشأ مالك في بيت اشتغل بعلم الحديث. وكان أكثرهم عناية عمه نافع المكني ب أبي سهيل, ولذا عد من شيوخ ابن شهاب. وكان أخوه النضر مشتغلا بالعلم ملازما للعلماء حتي أن مالك كان يكني بأخي النضر لشهرة أخيه. بدأ مالك يطلب العلم صغيرا تحت تأثير البيئة التي نشأ فيها وتبعا لتوجيه أمه. ولولعه بالعلم نقض سقف بيته ليبيعه ويطلب به العلم وملازمة كبار العلماء. يقول الإمام مالك: حينما بلغت سن التعليم جاءت عمتي وقالت: إذهب فاكتب( تريد الحديث). وينقل المؤرخون عن مالك أنه حفظ القرآن ثم اتجه لحفظ الحديث وكان لابد من كل طالب علم من ملازمة عالم من بين العلماء, فلازم في البداية ابن هرمز المتوفي سنة148 ه سبع سنين لم يخلطه بغيره حتي كان يقول مالك: كنت آتي ابن هرمز من بكرة فما أخرج من بيته حتي الليل. ثم اتجه مالك إلي نافع مولي ابن عمر فجالسه وأخذ عنه علما كثيرا وقد اشتهر أن أصح الأحاديث هي المروية عن مالك عن نافع عن ابن عمر. كما أخذ مالك عن ابن شهاب الزهري وهو أول من دون الحدي. ومن أشهر شيوخ المدينةالمنورة. وقد وهب الله تعالي الإمام مالك مواهب شتي حتي أصبح الإمام الذي لايفتي معه أحد منها الحفظ فقد كان قوي الذاكرة والحفظ كان يحفظ أكثر من40 حديثا في مجلس واحد, والصبر والجلد, والإخلاص في طلب العلم قربة خالصة لله عز وجل, وجيد التحري في رواية الحديث مدققا في ذلك كل التدقيق, لاينقل إلا عن الإثبات ولايغتر بمظهر الراوي أو هيئته. وقال الإمام مالك: لقد أدركت في هذا المسجد( المسجد النبوي) سبعين ممن يقول: قال فلان قال رسول الله فما أخذت عنهم شيئا, وأن أحدهم لو أؤتمن علي بيت مال لكان أمينا عليه إلا ظنهم لم يكونوا من أهل هذا الشأن, كما عرف عنه قوة الفراسة والنفاذ إلي بواطن الأمور وإلي نفوس لأشخاص. وقد توفي الإمام مالك سنة197 ه بعد عمر قضاه في خدمة الرسلام والحديث النبوي. رابط دائم :