قليلون أولئك الذين عاشوا حياتهم في ظلال القرآن الكريم يتتبعون أسراره ويحاولون تدبر معانيه ويجاهدون في الوصول الي تفسير آياته ومعانيه ولكن تبقي حلاوته وطلاوته علوا في المقام والمقامة لايعلو عليه إنسان. من العلماء البارزين المفسرين للقرآن الكريم وقد سخر قلمه وعلمه لإعلاء أهل السنة والجماعة ويعد موسوعة في العلوم فتعددت اهتماماته فكان إلي جانب علم التفسير, والفقه, والحديث, أيضا التاريخ, والأدب العربي وعلم الكلام, ضمن اهتماماته الرئيسية فأصبح أديبا فقيها ومحدثا مؤرخا عربيا كثير الرواية. هو أبو محمد عبدالله بن عبدالمجيد بن مسلم بن قتيبة الدينور, ولد في(213 ه 15 رجب/828 م) في بغداد وأقام وتعلم فيها وأقام حلقة للتدريس وعاش بالكوفة ثم ولي القضاء بمدينة دينور فنسب اليها, اخذ العلم من كبار علماء بغداد فأخذ الحديث عن إسحاق بن راهويه, وأخذ اللغة والنحو والقراءات عن أبي حاتم السجستاني, وابي الفضل الرياشي, وعبدالرحمن ابن أخي الأصمعي, وحرملة بن يحيي, وأبي الخطاب زياد بن يحيي الحساني. * وقد عمل مدرسا ومن أشهر تلاميذ الشيخ بن قتيبة الدينور ابنه القاضي أبو جعفر أحمد بن قتيبة, وأبو محمد عبدالله بن جعفر بن درستويه, وعبيد الله بن عبدالرحمن السكري, وترك لنا اعظم التصانيف منها:غريب القرآن فقد قام بتفسير عبارات يكثر دورانها في القرآن كالأسماء الحسني ونحوها من العبارات المتكررة ثم بدأ بتفسير الغريب علي حسب السور, وغريب الحديث, ومشكل القرآن الذي اعتمد فيه أن لا يجاري عمل أكثر المفسرين فتجنب النحو والحديث والأسانيد مكتفيا بشرح المفردات شرحا وافيا. ومن الملفت للانتباه أن هناك ظاهرة شدت انتباه ابن قتيبة شاعت في عصره هي شيوع الجهل بين الكتاب وضآلة معارفهم فكان منهم من يقع في أخطاء تحتوي علي اشياء من الجهل مما دفعه إلي وضع كتابه أدب الكاتب, وفي هذا يقول ابن قتيبة: فلما أن رأيت هذا الشأن( يريد الحرص علي العلم) كل يوم إلي نقصان, وخشيت أن يذهب رسمه, ويعفو أثره, جعلت له حظا من عنايتي وجزءا من تأليفي, فعملت لمغفلي التأديب كتبا خفافا في المعرفة وفي تقويم اللسان واليد.. ومشكل الحديث, وكتاب التقفية, وتأويل مختلف الحديث, وتأويل غريب القرآن, والأشربة, وكتاب المعارف, وكتاب الإبل, والمسائل, وجامع النحو, وإصلاح الغلط, والفرس, وأعلام النبوة, وعيون الاخبار, والتسوية بين العرب والعجم والصيام, والرد علي من يقول بخلق الله, وعبارة الرؤيا وغيرها... كان الشيخ ابن قتيبة محبوبا من العلماء نظرائه فقال عنه ابن خلكان في وفيات الأعيان: كان فاضلا ثقة, سكن بغداد وحدث بها عن إسحاق بن راهويه وأبي إسحاق إبراهيم بن سفيان بن سليمان بن أبي بكر بن عبدالرحمن بن زياد بن أبيه وأبي حاتم السجستاني.. وتصانيفه كلها مفيدة. وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالي: وكان ابن قتيبة يميل إلي مذهب أحمد وإسحاق, وقد بسط الكلام علي ذلك في كتابه في المشكل وغيره.., وقال أبو بكر الخطيب: كان ثقة دينا فاضلا ذكر تصانيفه:.... وقد ولي قضاء الدينور, وكان رأسا في علم اللسان العربي, والأخبار وأيام الناس وقد توفي شيخنا الجليل رحمه الله في عام276 ه1 رجب 13 نوفمبر889 م). وكان سبب وفاته أنه أكل لقمة من هريسة فإذا هي حارة فصاح صيحة شديدة ثم أغمي عليه إلي وقت الظهر ثم أفاق ثم لم يزل يشهد أن لا إله إلا الله إلي أن مات وقت السحر