إن من رحمة الله بعباده أن جعل لهم مواسم للخير يعظم فضلها ويضاعف أجرها وينال فيها العبد رضا مولاه وفضله فتتطهر القلوب وتزكو النفوس، ففي الحديث الذي أخرجه الطبراني في الكبير من حديث محمد بن مسلمة رضي الله عنه أن النبي صلي الله عليه وسلم قال: "إن لربكم في أيام دهركم نفحات، فتعرضوا لها، لعل أحدكم أن يصيبه منها نفحة، لا يشقي بعدها أبدا" ومن مواسم الخير شهر شعبان، الذي ترفع فيه أعمال العباد إلي رب العباد وهو شهر يغفل عنه الناس كما أخبرنا الرسول صلي الله عليه وسلم فعن أسامة بن زيد رضي الله عنهما قال: قلت يا رسول الله: لم أرك تصوم من شهر من الشهور ما تصوم من شعبان؟ قال: (ذاك شهر تغفل الناس فيه عنه، بين رجب ورمضان، وهو شهر ترفع الأعمال إلي رب العالمين، وأحب أن يرفع عملي وأنا صائم)" رواه النسائي ولذلك كان صلي الله عليه وسلم يجتهد في العبادة في شهر شعبان ويكثر من الصوم فيه ومن شدة محافظته صلي الله عليه وسلم علي الصوم في شعبان أن أزواجه رضي الله عنهن ، كن يقلن أنه يصوم شعبان كله، مع أنه صلي الله عليه وسلم لم يستكمل صيام شهر غير رمضان، فهذه عائشة رضي الله عنها تقول: "كان رسول الله يصوم حتى نقول لا يفطر، ويفطر حتى نقول لا يصوم، وما رأيت رسول الله استكمل صيام شهر قط إلا شهر رمضان، وما رأيته في شهر أكثر صياما منه في شعبان". رواه البخاري ومسلم واهتم سلفنا الصالح بشهر شعبان باعتباره مدخلا لشهر رمضان ولذلك كانوا يسمون شهر شعبان شهر القراء كما ورد عن حبيب بن أبي ثابت أنه قال: (شهر شعبان شهر القراء) وقال أبو بكر البلخي: "شهر رجب شهر الزرع، ومن لم يزرع ويغرس في رجب، ولم يسق في شعبان فكيف يريد أن يحصد في رمضان! "فشعبان موسم من مواسم التجارة الرابحة مع الله عز وجل وهو الموسم الختامي لصحيفتك وحصاد أعمالك عن هذا العام، ولذلك كان النبي يكثر من الصيام في شعبان لتكون أعماله حين ترفع محلا للعفو والمغفرة. وأنت أخي الحبيب بم ستختم عامك؟ وما هي الحالة التي تحب أن يراك الله عليها وقت رفع عملك؟ فهل تحب أن يرفع عملك وأنت في طاعة فيكون ذلك أدعي أن يتفضل الله عليك بالمغفرة وأن يتجاوز عن ذنوبك؟ أم تكون في حالة معصية وضعف همة؟. فراجع نفسك وبادر بالأعمال الصالحة قبل رفعها إلي ربها في شهر رفع الأعمال.