فكرت أن أكتب وأرصد ما حدث في مصر خلال الأسبوعين الماضيين من منطلق قلقي وخوفي علي بلدي, وأعتقد أن شعوري هو شعور الملايين من المصريين خاصة الكتلة الصامتة والأغلبية الساكنة التي لا تتحرك إلا في فترة الذهاب إلي صناديق الانتخابات وهم حائرون يفكرون يتساءلون ماذا نحن فاعلون؟ وفي هذا السياق تذكرت مادلين أولبرايت التي تحدثت عن إعادة رسم منطقة الشرق الأوسط, وشارون حين قال إن تعمير سيناء خطر علي إسرائيل, وكونداليزا رايز التي تحدثت عن الفوضي الخلاقة والتي أري أنها هدامة في مصر. ولنرصد ما حدث مؤخرا فيما يتعلق بالقضايا الحيوية: 1 خسائر مالية في المطار نتيجة التحريض علي الاضرابات وصلت إلي32 مليون جنيه. 2 إحصاءات ترصد انهيارا وتدهورا اقتصاديا لم يحدث منذ أكثر من نصف قرن, نتيجة افتقاد الأمن والأمان, وفي هذا السياق تم اختطاف نائب مدير البنك الأهلي مقابل فدية2 مليون جنيه في سابقة لم تحدث من قبل باختطاف الرجال, ناهيك عن اختطاف أتوبيس معتمرين في جنوبسيناء وإطلاق سراحهم بعد سرقتهم, واستشهاد ضابط أمن وطني من المكلفين بتتبع مرتكبي حادث خطف الجنود السبعة في سيناء من قبل إرهابيين في إطار المواجهات الأمنية للعناصر الخطرة والارهابية. 3 انهيارات وإغماءات وبكاء وعويل من قبل طلاب الثانوية في الموسم السنوي المتكرر في اليوم الأول لامتحانات المرحلة الثانية وغضب من قبل بعض الأسر المصرية بسبب التصريحات والوعود من الوزير وقيادات الوزارة بأن الامتحان سيكون في مستوي الطالب المتوسط, خاصة في جو ومناخ غير صحي مليء بالاختناقات نتيجة انقطاع الكهرباء, وزيادة أسعار الشموع التي يذاكر عليها الطلاب, وبعد يومين تعلن الوزارة عن إلغاء السؤال الصعب نتيجة عدم الالتزام بمعايير إعداد الأسئلة الامتحانية من قبل واضعي الأسئلة. 4 معارضون ومعتصمون يتظاهرون من أجل إقالة وزير الثقافة نتيجة قراراته السريعة والعشوائية وغير المدروسة من وجهة نظرهم, باستبعاد عدد غير قليل من قيادات الوزارة, ومؤيدون لسياسات الوزير, وآخرون موالون وقادمون إلي المعارضين في مشاهد واشتباكات لم تحدث من قبل في بيت الثقافة والفكر والإبداع والشعر, ويشاهدنا العالم ومعها الدول العربية التي تستورد منا أفكار وإبداعات المبدعين والشعراء والأدباء والمثقفين. 5 حوار وطني بين ممثلي الأحزاب السياسية يتم في مؤسسة الرئاسة علي الهواء, من أجل حماية أمننا المائي, وتطرح أفكار وأقوال وحلول من قبل البعض ممن لا يمتلكون الحنكة والحكمة السياسية نتيجة غياب الخطة والرؤية. 6 اختراق الاتفاقيات والمعاهدات الدولية من قبل إثيوبيا بإعلانها بناء سد النهضة, مما يمثل تهديدا بغرق مصر والسودان في حالة انهياره, وتم رفع سعة السد التخزيني من11 مليار متر مكعب في عام2011 إلي74 مليار متر مكعب في عام2013 وهنا سؤال يطرح نفسه: هل قضية السد طرحت ضمن جدول أعمال مباحثات الرئيس في إثيوبيا؟ ونفس السؤال ينطبق علي لقاء رئيس الوزراء برئيس وزراء إثيوبيا في اليابان؟ 7 حركة أو حملة تمرد التي تهدف إلي سحب الثقة من الرئيس في30 يونية الحالي, وتجمع توقيعات بالملايين من داخل المؤسسات والجامعات والأحزاب والنقابات ومن الأفراد الذين يسعون إليها, كظاهرة معارضة صحية من وجهة نظر علماء النفس, وقد طبعت إقرارا علي ورقة التمرد يوقع عليه المواطن بصفته عضوا في الجمعية العمومية للشعب المصري, وتطالب بتكوين مجلس رئاسي رباعي يدير البلاد لمدة عامين يوضع خلالهما دستور جديد, وتجري انتخابات رئاسية وتشريعية جديدة, وتشكل حكومة قوية ذات خبرات وكفاءات لا تتغير خلال العامين. 8 حركة أو حملة تجرد تهدف إلي حماية شرعية الرئيس الذي جاء عبر صناديق الانتخابات, تجمع توقيعات ليس بالقلم ولكن بالدم في إشارة إلي التهديد والوعيد والتخويف من القادم وفي هذا السياق خرجت علينا تصريحات خطيرة من أحد القيادات الجهادية بالإعلان عن ما يسمي بالثورة الإسلامية, والأخطر تصريحه واعترافه بأنهم أوقفوا سفر المجاهدين إلي سوريا انتظارا واستعدادا لهذا اليوم. 9 قانون انتخابات مجلس النواب أو الشعب رايح جاي بين الشوري والدستورية بعد بطلان13 مادة وكذلك قانون مباشرة الحقوق السياسية, ويرجع ذلك إلي الثغرات المتعلقة بتقسيم الدوائر, والشعارات الدينية, إضافة إلي تصويت العسكريين من خلال إدراج بياناتهم علي قواعد بيانات الناخبين, مما يكشف عن منظومة القاعدة العسكرية, وهي في نظر البعض سرية بدرجة كبيرة مما يؤدي إلي اختراق المؤسسة العسكرية, واستدعاء الجنود والضباط من حدود الوطن. 10 تدخل السلطة التشريعية ممثلة في مجلس الشوري في شئون السلطة القضائية, من خلال الإصرار علي مناقشة قانون السلطة القضائية في مجلس الشوري الذي عليه خلاف دستوري وقانوني وانتخبه نسبة لا تعبر عن جموع شعب مصر, رغم أن تشريعاته استثنائية في القضايا العاجلة, وفي هذا السياق لاحظت إن المادة230 من الدستور تنص علي: أن قرارات مجلس الشوري نافذة دون عرضها علي مجلس النواب والمفترض أن تنص المادة علي إعادة القرارات إلي مجلس النواب القادم, مما يمثل خطأ جوهريا دستوريا في رأي بعض أساتذة القانون الدستوري. المطلوب: أولا حلول دبلوماسية وعلاقات تفاوضية مع الجانب الإثيوبي من قبل لجنة قومية للأمن المائي تضم متخصصين, وبعض الشخصيات الدبلوماسية, والخبرات المصرية والقانونية رفيعة المستوي أسوة بتجربة طابا التي قدر لها النجاح, وأن تنخفض السعة والكهرباء من خلال الاستفادة من الدراسات المتخصصة عن هذا السد, مع استخدام الضغط سياسيا بما يضمن حقوق مصر التاريخية في مياه النيل. ثانيا: إرجاء مناقشة قانون السلطة القضائية حتي انتخاب مجلس النواب القادم, وفي هذا السياق تجد الحكومة الفيدرالية في الولاياتالمتحدةالأمريكية تعطي لأعضاء المحكمة العليا وجميع أعضاء محاكم الولاياتالمتحدة, ومحاكم الاستئناف حق البقاء في مناصبهم مدي الحياة, وأيضا إرجاء قانون الضرائب ومناقشة القوانين العادية الملحة. ثالثا إغلاق أنفاق غزة قبل نهاية الشهر الحالي حتي لا تتكرر حادثة فتح السجون وتهريب الارهابيين والتي تمثل في تصوري خطرا علي أمن مصر القومي, سواء الأخطار الداخلية والخارجية لأن سيناء هي الحصن المنيع للوطن وأرضه وسيادته. رابعا حوار بين رموز المثقفين ورئيس الوزراء حول أزمة وزير الثقافة رغم اختلافي مع سياسة الوزير الذي يتفرغ للإقالات والإقصاءات والمرتبات والمكافآت وإهدار الأموال وكلها أمور من اختصاصات الجهات الرقابية والمحاسبية, فمن أفسد يحاكم, ومن استغل نفوذه يحاسب, ولكن ترتيب الأوضاع داخل أي وزارة لابد أن يتم تدريجيا, وليس عشوائيا مع التحقق من الشكاوي التي تتحدث عن طمس وإلغاء الوثائق التاريخية وذاكرة الأمة في دار الكتب. خامسا أن تدرس المعارضة فكرة دعوة الرئيس للمصالحة الوطنية رغم تأخرها, شريطة أن تكون رسمية وليست إعلامية وفق أجندة عمل, وجدول أعمال زمني مع كيفية متابعة آلية التنفيذ, وإطلاع الرأي العام علي نتائج الحوار الذي طالبنا به في هذا المكان منذ شهور, وتلبية مطالب الشارع المتعلقة بالخدمات الضرورية مثل الكهرباء والماء والسولار والبنزين. وأخيرا: إن ما حدث في العراق وتونس وليبيا واليمن وسوريا يثبت بالدليل أن هذه هي الفوضي الخلاقة التي تنفذ بنجاح من أجل تقسيم مصر, تنبهوا وتحاوروا وقدموا حلولا حتي لا تتحول مصر إلي صومال, وحتي تعود مكانتها وكيانها المتمثل في أمنها القومي, والقرار في يد السلطة وأمامها فرصة بأن تلم شمل الشعب المصري حقنا للدماء بين أبناء مصر, ومن أجل المحافظة علي هوية الدولة المصرية. رابط دائم :