عرف المصري القديم في الصحراء وعلي ضفاف النيل أنواعا من الحيوانات وألوانا من الطير فخاف بعضها وتقرب إلي بعضها الآخر وقدس المصريون بالإضافة إلي ذلك بعض الظواهر الفلكية مثل الشمس والقمر وبعض النباتات مثل اللوتس وشجرة الجميز وبعض الحشرات مثل الجعران. عبد المصريون الحيوانات المتوحشة نظرا لقوتها وخوفهم منها مثل الأسد والثور البري والتمساح, وبالرغم من اتخاذ معظم المعبودات أشكال الحيوانات منذ ما قبل التاريخ إلا أن هذا لم يجعل الحيوانات تمثل المعبودات نفسها وإنما تعبر عن القوة الروحية للمعبودات. عبد المصري الحيوانات الضارة التي تسبب له الخوف والفزع مثل الثعابين وأفراس النهر والعقارب, ولم يكن الرمز الديني في حد ذاته مهما بل الأهم هو ما تجمع حوله من أفكار تعطي له مغزي والرموز هي بؤرة التأملات الخيالية وكان يتم اختيار حيوان واحد يوضع في مكان مخصص له وبعدما ينفق هذا الحيوان يتم تحنيطه ودفنه في مقابر مثل سيرابيوم سقارة المخصص لدن العجل أبيس. ولقد لاحظ المصري القديم مدي حنان وعطف البقرة علي صغيرها حتي أنها تذرف الدموع لفقدانه عند ابتعاده عنها ومن ثم اتخذها رمزا للمعبودة حتحور ربة الأمومة والحماية, وقدس المصري أنثي النسر ذات الريش الأبيض واعتبرها رمزآ للصعيد ومن ثم التاج الأبيض, وارتبط رب الشمس رع بالجعران إذ كانت هذه الحشرة تدفع كرة مستديرة من الروث تضع فيها بيضها ومن هنا صور المصري قرص الشمس يدفعها جعران كبير لكي تشرق من جديد مما يمثل ميلادها كما يفقس صغار الجعران من كرة الروث, وارتبط المعبود حورس بالصقر ذلك الطائر الذي مازال يركض في السماء شامخا عاليا ينقض علي فريسته بسرعة وقوة عظيمة لفتت نظر المصري إليها فقدسه لقوته وشموخه حين يحلق في أجواء السماء. ارتبط طائر أيبس بالمعبود تحوت رب العلم والحكمة وهذا الطائر لطيف لا يقتصر نفعه علي قتل الزواحف بل يمتد إلي أنه حين يغيب القمر يغلق هذا الطائر عينيه ولا يفتحها حتي يعود القمر مرة أخري بالإضافة إلي أنه يتميز بالمعرفة حيث يغرس منقاره في الأرض فيخرج الديدان منها( ثبت علميا أن هذا الطائر يتمتع بحاسة سمع شديدة بحيث يسمع دبيب الديدان داخل الأرض), ولاحظ المصري أن حيوان ابن آوي يعبث بأجساد الموتي فقدسه وجعله حاميا للجبانة تحت إسم أنوبيس حتي يتقرب إليه ويتقي شره ويستخدمه استخداما منعكسا. ولاحظ المصري تفتح زهور اللوتس عند شروق الشمس وانغلاقها عند غروبها ومن ثم تخيلوا أن قرص الشمس يخرج من زهرة اللوتس في الصباح وتعود لها عند الغروب لذلك ربط المصريون بين هذه الزهرة والبعث وإعادة الحياة والولادة. وقدس المصري النيل فجعلوه ربا للخصب والنماء وصوروه في هيئة معبود وأسموه حعبي وصوروه بهيئة رجل بجسم ممتليء ليدلل علي الخصوبة والخير وصوروه يحمل علي رأسه البردي واللوتس ويحمل بين يديه الأسماك والطيور المائية وكانت تقام للنيل أعياد شعبية يسودها المرح والسرور. لم يقدس المصري الحيوانات بذاتها وإنما قدس صفات ومصادر قوة هذه الحيوانات, وهناك عدة قرائن علي ذلك منها: أنهم كانوا يتخيرون واحدا من الحيوانات ويستخدمون بقيتها في الأعمال الزراعية الشاقة مثل الثيران أو في الانتفاع بلحومها مثل الأبقار( في حين يقدس الهندوس البقر فلا يذبحونها ولا يتعرضون لها مما يدلل علي أنهم يقدسون البقر نفسه), عبد المصري هذه الرموز الطبيعية بأسماء إلهية وليس بأسمائها فمثلا عبدوا الصقر باسم حورس وليس باسم الصقر بيك وعبدوا البقرة باسم حتحور وليس باسم البقرة ايحت. رابط دائم :