وصل موكب الرئيس إلي تلك البناية الضخمة.. وأخذ الرئيس مكانه من فوق منصة مجلس الشيوخ وتهيأ في إلقاء خطابه ودوي في أرجاء القاعة تصفيق حاد ترحابا بمقدم الرئيس مالبث أن تلاه صمت مطبق وبعد أن رفع الرئيس بذراعيه تحية لأعضاء المجلس, شرع في القاء كلمته. وتناول رئيس الدولة في حديثه, موضوع الحد من استخدام الأسلحة النووية. ومضي رأس الدولة يعرض أفكاره وتصوراته, وبذات لباقته المعهودة وهو يسوق في سبيل ذلك الحجة تلو الأخري مؤيدة بعدد من البيانات والتقارير الرسمية, كان قد أعدها سلفا, وأهبة لإلقاء بيانه علي جماهير الأمة ومن فوق المنصة الرئيسية بمقر المجلس الموقر. وكان الرجل الكبير في خلال ذلك كله لايلبث وأن يقوم بتلك البادرة الملفتة والمشهورة عنه دائما وهي أنه وبعدما يفرغ من رد تحية الأعضاء كان لايشرع مباشرة في إلقاء كلمته وإنما كانت تستغرقه وكعادته سرحة طويلة, كانت تجمد خلالها عيناه في زاوية مابسقف القاعة وحيث كانت تثبت خلالها نظراته في لاشئ أو ربما في شئ مجهول! وأفاق الرئيس من سرحته التقليدية, وبعدها أطلق من بين شفتيه آهة خافتة كانت بدورها هي الأخري آهة تقليدية, ومدللا بها علي أنه قد أفاق. هذا وقد اعتاد الأعضاء أعضاء المجلس علي هذه السرحة وتلك الآهة فاعتادوا بحكم الخبرة الدائمة, علي انتظارهما قبل انتظارهم البيان! وعلي ذلك فلم يكن اي من الشعب ليستغرب من الرئيس حدوثهما وإنما كان يستغرب منه العكس تماما, بمعني عدم وفاء الرئيس بعادتيه الشهيرتين والآنفتي الذكر!. وعلي أي حال, فلقد تقبل الناس من الرئيس جميع ظواهره وعاداته, بكثير من الترحاب وبقدر عال من الحب. ولقد كانت تربطهم بزعيم الأمة روابط شتي وعلة كانت أولاها وأعلاها كفة هي رابطة الإعجاب. والحق فقد كان رئيس الدولة رجلا يبدو رائعا,مافي ذلك من شك وبدأ الرئيس كوبرين يتحدث..وشجب الرئيس تهالك الدول في ميدان الطاقة النووية, وأخذ يعرب عن مخاوفه من جراء تلك النتائج المترتبة علي ذلك الصراع النووي المجنون. وكان الرئيس مقنعا كعادته. وما أن مضي من الوقت ساعة ونصف الساعة, وحتي تلفت الرئيس نحو ساعة معصمه ثم أنهي خطابه بعبارة رقيقة وجهها الي أعضاء المجلس, شاكرا لهم حسن استماعهم. وأفاق أعضاء مجلس الشيوخ علي كلمات الشكر الأخيرة, وبعدما كانت قد شدت انتباههم كلمات رئيس الدولة والتي كانت تقطر إقناعا وعذوبة. وأما العضوة إيريس فلم تكن لتفيق! وإنما حقا لم تفهم شيئا مما قال به كوبرين ولكنها كانت وكشأنها معه دائما, إنما كانت مشدودة معه لابكلماته أو خطبه, ولكنما بلفتاته وسكتاته وبتلكم التعابير التي كانت تبدو مرسومة في ملامح وجهه. وهكذا كانت العضوة إيريس شغوفة بالرئيس كوبرين وغنها وفي ذات الوقت لم تكن لتعي شيئا مما عناه الرئيس! لقد كانت مشغولة عنه,به.. ومضي الرئيس يقطع طريقه من حافة المنصة إلي باب الخروج ووسط التصفيق المدوي وربما صفقت إيريس آنذاك, وربما ظلت مشغولة بالرئيس كوبرين عن التصفيق له! وكان الرئيس كوبرين برغم من ذلك النجاح الهائل وتلك المرموقة إنما يشعر وفي أعماقه بالغربة, لقد كان كوبرين هو أكثر من أي أحد في هذا الشعب إحساسا بالغربة وأحيانا ماكان يصل الي اعتقاده بأن ذلك الإحساس الغريب المبهم يعذبه ويشقيه,وأحيانا كا كان يحدث منه العكس فيخال بنفسه وقد أطمأن إلي ذلك الإحساس الكامن في داخله ويظنه وقد ألف عليه. بيد أن كوبرين كان غريبا في معظم أحواله..وفي مختلف حالاته النفسية واعتاد أن يكون غريبا عن الشعب من داخله..وأن يكون الشعب غريبا عنه من الداخل. ولم يكن أحد من أفراد الشعب بمختلف طبقاته ونوعياته ليعتقد بأن كوبرين ذا الشهرة المطبقة بالغريب عنه, وقد تمثل لذاكرة الكل آنذاك من أن كل مشهور معروف. ومادام كوبرين هو ذلك النجم الذي يعرفونه, فإنه بالقطع ليس بالغريب عنهم, فكل مشهور+ ليس بغريب. وعلي جمهور الشعب بمجموعه آنذاك لم يكن ليدرك الفرق مابين كوبرين العجيب وكوبرين الغريب؟! وعل الرئيس كوبرين كان غريبا وعجيبا في آن واحد! وكان في الالتقاء الفكري الخلاص لكوبرين من تلك الحال التي وجد نفسه قابعا فيها.. ولقد التقي كوبرين بالعضوة إيريس فكريا وتزوج الرئيس كوبرين من إيريس. وأمضيا معا شعر العسل.. امضياه في العسل!. وبعد مضي الشهر وصل موكب الرئيس الي تلك البناية الضخمة. وأخذ الرئيس مكانه من فوق منصة مجلس الشيوخ, وتهيأ لإلقاء خطابه ودوي في أرجاء القاعة تصفيق حاد, ترحيبا بمقدم الرئيس, مالبث وأن تلاه صمت مطبق وبعد أن رفع الرئيس بذراعيه تحية لأعضاء المجلس, شرع في إلقاء كلمته.. وتناول الرئيس في حديثه, موضوع الوحدة الوطنية..ومضي الرئيس كوبرين في عرض أفكاره وتصوراته, وبذات لياقته المعهودة وهو يسوق في سبيل ذلك الحجة تلو الأخري مؤيدة بعدد من البيانات والتقارير الرسمية, كان قد أعدها سلفا وأهبة لإلقاء بيانه التاريخي علي جماهير الأمة, ومن فوق المنصة الرئيسية بمقر مجلس الشيوخ. وكان الرئيس كوبرين في خلال ذلك كله لايلبث أن يقوم بتلك البادرة الملفتة والمشهورة عنه دائما, وهي أنه وبعدما يكون قد فرغ من رد التحية للأعضاء كان لايشرع مباشرة في إلقاء كلمته,وإنما كانت تستغرقه وكعادته سرحة طويلة, كانت تجمد خلالها عيناه في زاوية مابسقف القاعة, وحيث كانت تثبت خلالها نظراته في لاشئ أو ربما في شئ مجهول. وأفاق الرئيس من سرحته التقليدية,وبعدما أطلق من بين شفتيه آهة خافتة, وكانت هي الأخري آهة تقليدية مدللا بها علي أنه قد أفاق. وبدأ الرئيس كوبرين يتحدث.. واشر أبت أعناق الشيوخ من أعضاء المجلس تجاه المنصة التي كان يقف من فوقها الرجل الكبير.. وأخذت كل الأعين تلاحق كوبرين فقد استأثر الرجل آنذاك بكل العيون. وكان الجميع يرقبون ما يقول به الرئيس في لهفة وفضول. والجميع كانوا كذلك ما عدا العضوة إيريس..فقد كانت وكعادتها لاتعي شيئا مما يقول به الرئيس كوبرين الوسيم. وكيف لايكون؟ وقد كانت العضوة إيري س في هذه المرة..نائمة؟!