هذا الوضع أوجد حالة من الفراغ, وهذا الإحساس المتنامي لدي الافارقة بالإهمال حاول البحث عن بدائل تعوض هذا الإحساس, حالة الفراغ وجدت من يملؤها من إسرائيل, ومن الصين, ومن دول أوروبية بل ومن الولاياتالمتحدة نفسها ومن دول إفريقية أخري أرادت أن تملأ هذا الفراغ الذي تركته مصر وراءها. المشكلة المثارة هذه الأيام حول مياه نهر النيل تفتح ملفا آخر غاية في الأهمية هو ملف العلاقات المصرية الافريقية, أين نحن من إفريقيا؟ وأين الدول الإفريقية منا؟, قديما درسنا في مدارسنا في حصص التاريخ والجغرافيا والمواد الاجتماعية, وقرأنا علي الأغلفة الخلفية للكراسات الدوائر التي ترتبط مصر بها, الدائرة العربية, والإفريقية, والإسلامية, ودول عدم الانحياز, وقديما أيضا قرأنا كثيرا وتابعنا بشغف مواقف مصر المؤيدة لحركات التحرر الافريقية, وعرفنا أسماء زعماء أفارقة, وتابعنا الحديث عن إفريقيا الحرة, كل هذا كان قديما, ولكن منذ فترة ليست بالقصيرة بدا الأمر وكأن الموضوع الافريقي, والعلاقات مع الدول الافريقية, لم يعد هو شاغلنا الأهم, وبدا الوضع وكأن مرحلة دفء العلاقة مع إفريقيا هي مرحلة مرت, وبدأت مراحل أخري جديدة لم تعد إفريقيا هي الحاضر بشكل أساسي فيها, وظهر هذا جليا في العديد من المناسبات, ويمكن هنا العودة الي المؤتمرات الإفريقية المتعددة خلال الأعوام الكثيرة الأخيرة, والتحقق من مستوي التمثيل المصري فيها, وتراجع اجتماعات سواء منظمة الوحدة الافريقية, أو الاتحاد الإفريقي الذي حل محلها وسوف نكتشف حجم الغياب المصري, أيضا فلنقارن حجم زيارات مسئولينا المسئولين عن العلاقات الخارجية وعن ملفاتنا مع إفريقيا, ولنقارنها بحجم زياراتهم الي الدول الأوروبية والولاياتالمتحدة, أيضا سوف نكتشف كم أهملنا هذا الملف لسنوات طويلة. هذا الوضع أوجد حالة من الفراغ, وهذا الإحساس المتنامي لدي الافارقة بالإهمال حاول البحث عن بدائل تعوض هذا الإحساس, حالة الفراغ وجدت من يملؤها من إسرائيل, ومن الصين, ومن دول أوروبية بل ومن الولاياتالمتحدة نفسها, ومن دول إفريقية أخري أرادت أن تملأ هذا الفراغ الذي تركته مصر وراءها. البعض لسان حاله يقول صادق الغني تصاب بالغني, وصادق الفقير تصبك لعنة الفقر, هذا المفهوم يجد صدي لدي العديد من المسئولين, وهذا فهم غريب في الواقع في العلاقات الدولية, وهذا موضوع آخر يحتاج الي حديث آخر, ولكن حتي لو اتفقنا مع هذا المفهوم فإن التعامل مع افريقيا ودولها ينبغي أن يكون من منطلق أن هذه القارة غنية بالفعل, وكما قال دكتور بطرس غالي فإفريقيا ستكون محل الاهتمام الدولي خلال السنوات القادمة أكثر من الماضي لأنها القارة التي مازالت بكرا, وهي كنز العالم للمستقبل, ومن هنا فمصالح مصر مع قارتها هي الأهم والأخطر خلال الفترة القادمة أكثر من علاقاتنا الدولية التقليدية, وحتي من أوروبا نفسها التي تعد الشريك التجاري الأول لمصر, كما ان فريقيا كما يقول دكتور بطرس غالي هي القارة التي نعيش فيها, ومصالحنا الاستراتيجية ترتبط بها, وإلا سندفع ثمنا باهظا.