استيقظ المصريون امس علي قرار مفاجئ لإثيوبيا بتحويل مجري نهر النيل الأرزق إيذانا ببدء التنفيذ الفعلي لسد النهضة المزمعة إقامته علي نهر النيل, و المراقب لهذا الملف الخطير يستطيع أن يلتقط بعض الملاحظات التي يمكن أن تشكل في مجملها أبعاد الأزمة وتطوراتها المتوقعة علي الأمن القومي المصري, إذ إن الإجراء الإثيوبي جاء بشكل مباغت, ومفاجئ, وكأنه أراد ألا يعطي لمصر فرصة التفكير أو الاستعداد لمثل هذا الإجراء او حتي التعامل معه دبلوماسيا, كما أنه يأتي بعد24 ساعة فقط من لقاء جمع الرئيس مرسي ورئيس الوزراء الاثيوبي علي هامش اعمال اجتماع الاتحاد الافريقي, وكأن إثيوبيا تريد إحراج الرئيس مرسي, أمام الشعب الذي فوجئ بالقرار. والملاحظة الأهم هي رد الفعل المصري الفاتر الذي بدا هزيلا, ضعيفا, متخاذلا, مستسلما للأمر الواقع واقتصر فقط علي بيان من الرئاسة وآخر من وزارة الري التي رأت فيه الدولة أن قرار تحويل المجري وبدء انشاء السد مجرد عمل هندسي لن يؤثر علي مجري المياه!! وكأن النظام يلتمس العذر لإثيوبيا ويبحث لها عن المبررات دون موقف حاسم علي الاقل لاظهار الغضب المصري من تجاهل إثيوبيا وعدم انتظار نتائج أعمال اللجنة الثلاثية التي أوشكت علي إعلان تقريرها حول الآثار المتوقعة من السد. في المقابل كان رد الفعل السوداني اكثر قوة وحسما, ووجه وزير الري السوداني انتقادات حادة لإ ثيوبيا ووصف الاجراء الاثيوبي ب الصادم بل هدد باللجوء للجامعة العربية لبحث الموقف. الأمر جد ويحمل من الأخطار مالا يحتمل الانتظار, أو التعامل معه باستهتار, لأن الوقت في هذا الملف هو الحاسم, ولايمكن لأحد من أركان النظام ان يحاول اقناع الشعب بالتصريحات المعسولة والشعارات الرنانة, بأن مصر لن تقبل المساس بحصتها من مياه النيل, وساذج من يقتنع من اركان النظام بالتصريحات الإثيوبية التي تستهدف تنويم مصر وتخدير الشعب من أن السد لن يؤثر علي مصر, بيينما الأفعال علي الارض تقول إن إثيوبيا مدعومة من إسرائيل ماضية في طريقها لبناء السد غير عابئة بمصر, ومستغلة الظروف السياسية لدينا في تنفيذ مخططها, وعندما نفيق من مشاكلنا سنجد واقعا جديدا, وسدا مشيدا علي نهر النيل. ولا أدري ماذا ينتظر النظام بينما الدراسات والتقارير التي أعدها خبراء مصريون تؤكد أن السد الإثيوبي سوف يتسبب في بوار مليون فدان وتشريد مئات الآلاف من الأسر, وتخفيض انتاج الكهرباء من السد العالي بنسبة25%, ناهيك عن أن الاجراء الإثيوبي ينتهك صراحة اتفاقا دوليا موقعا من الخمسينيات تحصل مصر بمقتضاه علي55 مليار متر مكعب من المياه. إنها لحظة تاريخية تتطلب رجل دولة يستطيع أن يقوم بعمل مسئول يحفظ لمصر حقوقها, وهيبتها, وسيادتها. فهل بيننا رجل دولة ؟