قبل الانتخابات الرئاسية الماضية قال الرئيس محمد مرسي إن سد النهضة الإثيوبي, لن يكون له تأثير علي حصة مصر من المياه وإنه متفائل ومتفائل جدا أنها اهتزيد, والأمطار هتزيد والشراكة مع أفريقيا وأثيوبيا أيضا هتزيد, وها هي قد زادت يا فخامة الرئيس بعد أن أدركت إثيوبيا أن النظام في مصر يتعامل بنفس الأسلوب الأثيوبي في المراوغات والأكاذيب فاحتفلت بتحويل مجري النيل الأزرق وبدء بناء سد النهضة باعتبارها إرادة شعب. إرادة شعب يعاني فلاحوه من نقص مياه الري وموت كثير من زراعاته عطشا, ويتوجع من انقطاع التيار, ويعيش تحت حصار نقص الطاقة, ويرتعد علي مستقبل لا يدري شيئا عن تقلباته المفاجئة, لكن ذلك لا قيمة له فالرئيس متفائل من زيارتيه لأديس أبابا التي استقبلته في إحداها وزيرة التعدين وفي الثانية كان في الصف الخامس في الصورة التذكارية للقادة الأفارقة, في دلالة علي التقدير الإثيوبي الكبير لمكانة مصر ورئيسها, ثم جاء الاحتفال بتحويل مجري النهر دون اعتبار للموقف المصري أو انتظار تقرير اللجنة الثلاثية, وبعد ساعات من لقاء مرسي برئيس الوزراء هيلا ميريام ديسالين الذي يسير علي خطي سلفه ميليس زيناوي أخبرته القاهرة خلال زيارته لها برسالة تتضمن نسف السد في حالة بنائه فيما نقله عادل حمودة عن المخلوع ورئيس مخابراته عمر سليمان. ويكفي أن الرئيس متفائل لأن إثيوبيا حشدت لتقسيم مياه النيل في عنتيبي في عهد مبارك ودشنت بناء السد مع المجلس العسكري وحولت مجري النهر بعصر الإخوان لتخزين75 مليار متر من المياه بما يحرم مصر من نحو19 مليار متر من حصتها ويقلل إنتاج الطاقة الكهرومائية ب40% ويهدد قدرات السد العالي ويجبرنا علي شراء المياه من إثيوبيا بالأسعار التي تحددها فلا هي تراجعت عن تقسيمات اتفاقية اعنتيبيب ولا اعترفت بحصتنا المائية ولا خافت من القانون الدولي ولا خشيت عدم التمويل العالمي ولا ينبغي أن ننتظر منها أن تحترمنا في ظل موقف رئاسي وحكومي باهت والاستباق الرسمي المريب للسفير المصري في أديس أبابا الذي قال إن القرار الأثيوبي ليس مفاجئا, وتبريرات وزير الري للموقف وكأنه المسئول عن المياه في إثيوبيا. وليت الرئيس ا يغضب ا مثل غضبه في وجه الثوار بعد نداءات جمعة الشريعة والشرعية وأن يكون غضبه من أجل كرامة مصر ومكانتها ومستقبلها وأن يدرك أن ما يدور بشأن مياه النيل لا يحدث بمعزل عن إسرائيل ولا الأصابع الأمريكية التي تتفاوض سرا وتدعم خفية, وتصافح الأصدقاء في الغرف المغلقة بالمقطم وتلعب ليلا ونهارا في مصر مثل الأصابع التي رآها الرئيس في الحارة المزنوقة! وكان علي من يتفاءلون أن يخبرونا نحن المتشائمين جدا: كيف سيحمون مصر بأفكارهم العبقرية وبأهلهم وعشيرتهم خاصة وأن الخطر لا محالة قادم ؟