النيابة العامة جهاز مخول له قانونا تمثيل المجتمع والدفاع عن مصالحه ودرء الضرر الذي قد يلحق به. نظرا لأنها الهيئة القضائية التي تتولي التحقيق والإحالة في الجرائم وفقا للإجراءات المحددة في قانون الإجراءات الجزائية, يمكن القول أن النيابة قضاء خاص قائم لدي كل محكمة يسعي إلي تمثيل المجتمع ويلجأ إليه كل مظلوم للحصول علي حقوقه المسلوبة ولكن كيف يعطي وكيل النيابة الحق لمظلوم هو ذاته حصل علي سلطة بدون وجه حق نالها بالمحسوبية والوساطة أو لأنه مولود وفي فمه ملعقة من ذهب لأنه نجل مسئول كبير في اي جهاز بالدولة مما جعل البعض يري أن قلعة النيابة تهتز..هذا الكلام نطرحه بمناسبة المجاملات التي اكتشفت مؤخرا في تعيينات وكلاء نيابة من أبناء المحاسيب وذويهم من الحاصلين علي تقديرات أقل من المطلوب في الوقت الذي لم يجد صاحب الكفاءة والتقديرات العالية مكانا في التعيينات لأنه لايملك الوساطة التي تعد أهم مسوغات التعيينات في النيابة بشقيها العامة والإدارية, والاتهامات التي وجهت لبعض المستشارين بتعيين أنجالهم بالمخالفة لأحكام القانون. في البداية يقول زكريا عبد العزيز رئيس نادي قضاة مصر الأسبق إننا كنا نعيش في عهد الرئيس السابق في عصر كله وساطة واختفت فيه الكفاءات بفعل فاعل وحلت محلها المجاملات والمحسوبيات وماخفي كان أعظم في كل الوظائف والكليات العسكرية والأماكن التي كان يتم فيها القبول بالاختيارات لدرجة أن الفساد كان موجودا في كل مكان بمصر حتي في القضاء ذاته والنيابة العامة والإدارية, مؤكدا أن الخلل الاداري الذي نعيشه في كل القطاعات سببه أن أهل الكفاءات كانوا خارج الخدمة وحل محلهم أشخاص آخرون معظمهم من المحاسيب وأبناء المسئولين الكبار وذويهم وأقاربهم غير المؤهلين لمثل هذه الوظائف التي تسند إليهم. وأضاف أنه علي مدار30 سنة مضت في عهد الرئيس السابق كان زمنا أغبر واسود علي الشعب كله لإسناد المناصب المهمة في الدولة إلي أهل الثقة وليس إلي أهل الكفاءة,موضحا أنه معجب بشدة بنظام وزارة الخارجية في قبول الدبلوماسيين بالسفارات المختلفة, أما في النيابات والقضاء فكان الموضوع كارثة بكل المقاييس فقد حدث في سنة2007 والكلام للمستشار زكريا تعيين دفعة تكميلية في النيابة العامة قبل تعيين الدفعة الأساسية لأنها كانت تضم ابن مسئول كبير في وزارة العدل وكان ذلك بمثابة الكارثة لان الدفعة التكميلية كانت تتأخر لمدة عام أو اثنين بعد تعيين الأساسية. وقال إن الخبر الذي تردد مؤخرا عن تعيين دفعة النيابة العامة غير صحيح ونفته وزارة العدل جملة وتفصيلا, مؤكدا أن الحركة يتم اعتمادها من لجنة الاختيارات التي تضم في عضويتها عددا من المستشارين بعد الانتهاء من الاختبارات والكشوف الخاصة بالقبول والتحريات اللازمة عن كل شاب تم قبوله وبعد ذلك ترسل الكشوف إلي وزير العدل ومنه إلي رئيس مجلس الوزراء وأخيرا إلي رئيس الجمهورية لاعتمادها وإصدار القرار الجمهوري بشأن النتيجة النهائية ونشرها في الجريدة الرسمية. وأوضح ان القانون حدد شرط القبول بالحصول علي درجة جيد والتي تتراوح من65% وحتي75% كحد أدني وإلغاء قانون الدفعة التكميلية مشيرا إلي أن السبيل الوحيد للشفافية والابتعاد عن الشبهات لرجال القضاء ضرورة وضع قواعد صارمة وضوابط شديدة للقبول منها إنشاء أكاديمية قضائية يلتحق بها المرشح للتعيين في النيابة للدراسة لمدة عامين يتعلم فيها مهنة القضاء علي أن يراقب سلوك كل فرد أثناء وجوده في الأكاديمية لمعرفة مدي ملاءمته للوظيفة, وفي حالة اجتيازه الفترة المحددة مهنيا وسلوكيا يتم تعيينه في الوظيفة لقطع الطريق علي أي فرد ينضم إلي أسرة القضاء غير كفء يسعي للدخول من الأبواب الخلفية. فيما أكد الدكتور محمد حامد الجمل رئيس مجلس الدولة السابق أن القضاء رسالته إقامة العدالة بشفافية وحيادية كاملة ولذلك لابد أن يتوافر في الشخص الذي يشغل وظيفة قضائية عدم الانتماء إلي أي حزب أو تيار سياسي وألا يكون له نشاط سياسي حتي لا يؤثر هذا الانتماء أو الانحراف السياسي في قراراته. وأضاف انه استطاع الحصول علي موافقة الرئيس السابق في تعيين175 فردا بمجلس الدولة رغم معارضة وزير العدل ورئيس الوزراء في سنة92 نظرا لقلة الأعداد الموجودة في المجلس وكثرة القضايا المركونة علي الأرفف والتي تخطي عددها36 ألف قضية, لافتا إلي أن المعينين كانوا من13 كلية تم تعيينهم طبقا لنتيجة تخرجهم بدرجتي امتياز وجيد جدا بعد إجراء التحريات اللازمة عنهم دون محسوبية أو وساطة علي الإطلاق وكان هذا الفعل بمثابة جريمة قمت بارتكابها وشن أصحاب المصالح من المسئولين الكبار حربا شعواء ضدي والذين رفعوا شعارات زائفة ومضللة لنهب حقوق المتفوقين في المناصب التي يستحقونها. واستطرد الدكتور الجمل قائلا إن تعيين أبناء المستشارين في النيابة بدون وجه حق أمر لا يتفق مع التعاليم الإسلامية والأحاديث النبوية والتي تؤكد انه من أعطي أمانة لغير الكفاءة أو صلاحية فقد أعطي قطعة من النار من المفترض أن يلتزم بهذا الأمر رجال القضاء الذين يمثلون ميزان العدالة للشعب بأكمله, مؤكدا أن تعيين من لا يستحق بحكم أهليته بدلا ممن له الكفاءة والأولوية يعد نوعا من النهب للثروة القومية للبلاد وتخريبا في النظام القضائي وعدوانا علي مبدأ المساواة الواجب احترامه. وأوضح اننا بحاجة لسن قانون يتضمن نصا صريحا بألا يكون التعيين في السلطة القضائية لأولوية التخريج وسلوكه وجدارته بالاضافة إلي التقدير الدراسي الذي حصل عليه المتقدم من كليات الحقوق, مشددا أن تعيين أبناء المستشارين في النيابة لا يشترط فيهم أن يكونوا متفوقين ويكفي حصولهم علي درجة مقبول ما داموا من بيئة أو أسرة قضائية كلام غير صحيح وليس له سند قانوني في الواقع لأن الموهبة والجدارة تتوقف علي مثابرة الطالب وقدرته علي استخدام المعلومات. مضيفا أنه في حالة عدم صدور قانون ينظم عملية التعيين في النيابة فهناك احتمال أن تستمر الوساطة والمحسوبية والتميز لأبناء المسئولين ولفئات تنتمي إلي بعض الأحزاب السياسية أو لمن لهم صلة برجال السلطة والوزراء وأعضاء البرلمان. في حين قالت الدكتورة فوزية عبد الستار رئيسة اللجنة التشريعية بمجلس الشعب سابقا انها اعترضت عدة مرات علي تعيين أبناء بعض المستشارين في النيابة والتي أصبحت قاعدة عامة في النظام السابق بدون وجه حق وحصولهم علي حقوق أشخاص متفوقين ولكن طامتهم أنهم ليست لهم وساطة أو محسوبية تمكنهم من الحصول علي حقوقهم التي اغتصبها أبناء المسئولين الكبار أصحاب التقديرات العلمية الضعيفة مضيفة أن من تعرض للظلم فعليه اللجوء للقضاء للطعن علي قرار التعيين للحصول علي حقه. أما المستشار عبد المنعم عوض رئيس محكمة استئناف القاهرة السابق فقال ان القضاء الجبهة الوحيدة التي تدقق في اختيار العاملين بها, لأنهم يمثلون أمن الوطن والمواطن ولهذا فهو مطالب بتحقيق العدل للجميع دون استثناء لأحد علي حساب الأخر, مشيرا إلي إن قواعد الاختيار السابقة لم تحدد التقدير الذي حصل عليه المتقدم للنيابة العامة والتقارير الأمنية والطبية والمقابلة الشخصية الأساس في التعيين حتي تم تعديل القانون منذ سبع سنوات بإضافة تقدير جيد علي الأقل والأقدمية في التخرج وترتيب الدرجات علي المعايير السابقة. وأشار إلي أن أولاد بعض المستشارين لم يعينوا في النيابة بسبب عدم سلامتهم طبيا أو لعدم قدرتهم علي اجتياز الاختبارات المحددة وكذلك لعدم ملاءمتهم للوظيفة لأن علم النفس القضائي حدد أن يكون المتقدم لشغل الوظيفة متوازنا وتفكيره سليما, معلنا أن بعض أصحاب التقديرات العلمية العالية تم استبعادهم لنفس الظروف السابقة في الوقت الذي تم فيه تعيين أعداد كبيرة من أبناء عامة الشعب في الوظيفة لأنهم الأصلح لها.