كان موضوع دفتر أحوال القمح هو عنوان لموضوع كتبته في كتاب عن دفتر أحوال مصر في عام2006 م والذي تعرضت فيه لحل مشاكل مصر في السياسة والاقتصاد والبحث العلمي. ويتكون هذا الكتاب من ثلاثة أجزاء من أهمها استعراض مشكلة القمح المزمنة وكيفية تقديم حلول منطقية وعملية لعلاجها تأخذ بعين الاعتبار صحة المصريين ومن ثم تقديم حل نهائي لمشكلة القمح وتحويل مصر من دولة مستوردة للقمح إلي دولة مصدرة له في وجود سقف الإنتاج الحالي والذي يصل في المتوسط إلي ثمانية ملايين طن سنويا وهذا يعني اننا لسنا في حاجة إلي زراعة المزيد من الأراضي الزراعية والتي قدرها الخبراء بحوالي خمسة ملايين فدان بل اننا يمكننا تصدير أكثر من ستة ملايين طن قمح سنويا في الحد المتوسط ويكفي الشعب استهلاك مليوني طن سنويا. وعندما تحدث الرئيس عن محصول القمح والحصاد كان اللافت للنظر انه يتحدث بنفس الطريقة التي كان يتحدث بها سابقوه فهو يذكر أن هناك زيادة مطردة في انتاج القمح واننا في طريقنا للاقتراب من تغطية العجز في الاستهلاك السنوي والذي يصل إلي استيراد تسعة ملايين طن قمح لأن الاستهلاك السنوي للمصريين يصل إلي سبعة عشر مليون طن قمح فوجدت أن الفكر لم يتغير ولم يتبدل كما كان في السابق فنحن لسنا في الحقيقة في حاجة إلي انتاج أو استيراد المزيد من القمح ولكننا في حاجة ماسة إلي وجود غذاء متوازن يكون القمح فيه أحد مكوناته وليس كل مكوناته فأنصب تفكير المسئولين علي توفير رغيف الخبز الحاف دون النظر بعين الاعتبار إلي أهمية توفير مكونات الغذاء المتوازن التي تحافظ علي صحة الإنسان. أعلم أن هذا الكلام لن يمثل أهمية للرئيس ومعاونيه لأن التفكير ينصب بالدرجة الأولي علي أفكار وحيدة المصدر يعتبر الرئيس ومعاونوه في الزراعة وغيرها هم الوكيلي الحصري والوحيد لحل مشكلة القمح في مصر وإذا اعتمدوا علي الأفكار التي طرحها الرئيس فلن تحل مشكلة القمح في مصر ولو بعد ألف عام لأنهم لم يأخذوا بعين الاعتبار الزيادة المطردة في عدد السكان وبالتالي فإن مسئولية الرئيس ومعاونيه تفرض عليه أن يستمع بإنصات إلي كل الأراء والأفكار المطروحة لحل مشكلة مصر الغذائية وليس بإهمالها أو تنحيتها جانبا إن كان يريد اكتفاء ذاتيا من القمح فقط نعطي لعقولنا فسحة من الوقت من أجل التفكير والاستيعاب حتي نستوعب هذا الحل السهل البسيط والذي ليس فيه تعقيد والذي يمكن أن يتضح من ثنايا هذه السطور بعد التعاطي مع المشكلة ووصف العلاج. لأنه لم يكن من المعقول أو المقبول أن تتحول مصر من منتج ومصدر للقمح أو الذهب الأصفر كما كان يطلق عليه في الأزمان الغابرة وعلي مدار آلاف السنين في عهد يوسف عليه السلام وكانت سلة غلال الدولة الرومانية, وكانت تطعم كل من حولها من المناطق والدول علي مر السنين, وهي الآن تستورد كل احتياجاتها الغذائية من الخارج بنسب عالية, ومن بينها القمح الذي يعتبر الأساس في صناعة وانتاج الخبز غذاء المصريين الأساسي. إنها حكاية غريبة, وقصة عجيبة, عليها الكثر من علامات الاستفهام التعجبية, وتظهر لنا مدي عجز الأنظمة وشيخوخة فكرها وفشلها علي مدي ستين عاما, في استخدام طاقات هذا الشعب الهائلة والجبارة في الاكتفاء الذاتي من كل غذائه بل وتصدير الفائض عن حاجاته إلي دول العالم المختلفة في بضع سنوات لا تعد علي أصابع اليد الواحدة فقط في وجود نظام مسئول أمام شعبه يفكر ويبحث عن مصالحه من خلال إدارة عملية حقيقية للعمل والانتاج بإخلاص وشفافية وليس بالكلام والبهتان والانتهازية السياسية التي أوصلتنا إلي هذه الحالة المزرية. فالذي لايزرع غذاءه لا يملك قراره ويفقد حريته وكرامته واستقلاله ولا مكان له في عالم اليوم سوي أن يتحول إلي شحات يمد يده كي يحصل علي المعونات فيفقد شيم الرجولة وعزة الإنسان المكرم بعد أن أهان نفسه وأهان شعبه وبعد أن أعياه البحث في توفير لقمة عيشه عن طريق الاعانات عبر الاتفاقيات التي تفقد فيها الأمم والشعوب إرادتها واستقلال قرارها وتبيعه مقابل الحصول علي بضع أطنان من القمح لتملأ معدتها برغيف الخبز الحاف فتبقي رهينة وأسيرة في أحضان الاستعمار. وهذا طبيعي أن يفقد الشحات ومتلقي المعونات حريته وكرامته وإرادته واستقلاله وكيانه البشري لأنه لا قيمة للشحات في عرف الأفراد والجماعات فما بالك في عرف الدول والأمم والشعوب سوي النظر إليه نظرة دونية مليئة بكل أنواع الاستذلال والاستكانة والاستهزاء وقلة الشأن والوزن والحقارة والمهانة. وهذا ما كنا نفاجأبه في السابق عندما كنا نفاجأ بمسئول كبير من العيار الثقيل فذ ومستفز يتحدث عن الأمن والأمان والاستقرار وهو لم يتمكن من توفير رغيف الخبز الحاف لشعبه إلا من خلال المعونات حتي أصبح شحاتا محترفا يتلقي المعونات في كل الأوقات ولا يهمه الأثر النفسي والمعنوي الواقع علي نفسه أو علي شعبه جراء هذا الفعل غير الآدمي وغير الإنساني عوضا عن أنه عمل غير وطني وغير ديني. وعلي مدار ثلاثين عاما بالكمال والتمام لم يتمكن من توفير رغيف الخبز الحاف الذي جلب كل الأمراض لكل المصريين في غياب الفاكهة والبروتينات وأساسيات الطعام الذي حرم منه الشعب بكل فئاته وكل أعماره فأصبح مرتعا لكل الأمراض بعد أن نحي أفكار شعبه جانبا وآخذا لا يتسمع إلا إلي أهل الثقة الذين لا يبحثون سوي عن مطامعهم ومصالحهم الشخصية في كل حال والمغنم بعد المغرم. ولم يخجل من السعي إلي توريث السلطة بنسب الدم أو المصاهرة والقرابة والأسرة وكأن الشعب المصري قد تحول إلي إرث أو عقار لأن الوراثة كما يقولون لا فض فوهم أنهم تربوا في البيت الرئاسي أو في التنظيم ويفهمون في المطبخ السياسي ففشلوا في توفير أدني اساسيات المطبخ الغذائي في رغيف الخبز الحاف طعام الفقراء والأغنياء ثم يتحدثون بسذاجة منقطعة النظير عن ادارة المطبخ السياسي وهم واهمون لأنه لو وجد مطبخ سياسي حقيقي منظم لنجح في إيجاد مطبخ غذائي حقيقي بغض النظر عن طبيعة المطابخ التي يتحدثون عنها بفوضي وعشوائية منقطعة النظير ثم يخرج علينا جهابذة النظام السابق واللاحق ومفكروه بأفكار سطحية ودونية رديئة لا عبقرية ولا يفكر فيها الدهماء من الناس وكأن الهدف المرسوم لأقطاب النظام مهما تعالت الأصوات التي تتحدث عن وجوب الإكتفاء الذاتي من القمح والذي يعتبر واجبا في عرف العقلاء.