كوكب الشرق وصاحبة العصمة وسيدة الغناء العربي, هذه الألقاب وهذه الشهادات لم تحصل عليها أم كلثوم بدون مشوار كفاح كما يكافح صاحب أي رسالة دكتوراة الليسانس, أولا ثم الماجستير, ثم الدكتوراة, كل هذه المراحل مرت بها كوكب الشرق وهي التي بدأت طفلة مع والدها وأخوتها في الانشاد الديني والموشحات, وتنقلت من قرية الي قرية ومن مولد الي مولد, ومن فرح الي فرح, وذاع صيتها وشهرتها في كل أنحاء المنصورة, ولما اشتد عودهها أخذت تغني بمفردها بالملابس البدوية وملابس الرجال, وفي احدي سفرياتها تعرفت علي الشيخ أبوالعلا محمد, الذي استمع إليها ونصحها بالسفر الي القاهرة, وباقي القصة معروف وشاهدناه في المسلسل التليفزيوني الذي قامت فيه الفنانة صابرين وجسدت شخصية أم كلثوم بأداء رائع, ولكن ما يهمني وأريد أن أشرحه هو المراحل الغنائية وتطورها واختيار كلماتها, واختيار الملحنين واختصارا للقول أبدأ من عند قيام الأستاذ القصبجي بتكوين تخت لتغني عليه أم كلثوم, وأصبح هذا التخت ينمو وينمو مع تطور ونوعية الأغاني التي تغنيها وأصبحت فرقة أم كلثوم من كبار الموسيقيين( منتخب مصر للموسيقي), وأصبح الانضمام الي فرقة أم كلثوم شهادة للعازف يفتخر بها, ونأتي الي مرحلة الغناء.. مرحلة الغناء العاطفي( رق الحبيب/ أنا في انتظارك/ أفديه إن حفظ الهوي/ افرح يا قلبي/ حبيبي يسعد أوقاته/ جددت حبك ليه/ سهران لوحدي/ فاكر لما كنت جنبي), هذه مرحلة من الغناء الذي فيه الحبيبة المسكينة التي تحترم وتطيع زوجها أو صديقها وتنتظره مهما طال الغياب, والمرحلة الثانية للمرأة القوية التي تغني فيها وتقول( أنا لن أعود إليك/ حب إيه اللي انت جاي تقول عليه/ حسيبك للزمن/ إنما للصبر حدود), هذه هي المرأة ضعيفة وقوية وقد قامت أم كلثوم بتجسيد المرأة الطيبة المطيعة ثم المرأة القوية التي تملك ارادتها, مرحلة أم كلثوم الوطنية( ياشباب النيل يا عماد الجيل/ راجعين بقوة السلاح/ اصبح عندي بندقية/ ثوار ثوار/ حق بلادك/ علي باب مصر), أما قمة العطاء الفني فهي القصائد الشعرية, منها القصائد العاطفية والدينية والوطنية وكان بطل هذه المرحلة العملاق رياض السنباطي وأهم وأشهر هذه القصائد هي( الأطلال), التي حققت انتشارا واسعا وحازت علي جائزة أشهر عمل فني عالميا ولا ننسي رباعيات الخيام وكيف استطاعت هذه الفتاة القادمة من الريف أن تجعل رجل الشارع وكل المصريين يقومون بغناء تلك القصائد باللغة الفصحي. هذه بعض المراحل التي مرت في حياة كوكب الشرق وهذه المراحل وأهميتها تعطيها الحق في الحصول علي لقب اضافي الي ألقابها المتعددة( الدكتورة أم كلثوم), أكتب هذا المقال لأقول لأبناء الجيل الجديد من الفنانين الذين يمنحون أنفسهم ألقابا بدون تاريخ مشرف لأعمالهم الفنية وحتي ألقاب الدكتوراة التي تمنحها أكاديمية الفنون لبعض الخريجين فيها استهتار باللقب, راقص أو راقصة أو ممثل أو ممثلة أو موسيقي عازف إيقاع أو أي آلة, هذا اللقب العلمي يجب أن يكون له احترامه, وكل هؤلاء الفنانين من خريجي الأكاديمية لهم كل الاحترام ويجب أن نكرمهم ونمنحهم ألقابا فنية تليق بهم, وعندما يعطي الشعب لقب الدكتوراة لأم كلثوم فصوت الشعب أقوي من أي أكاديمية, أم كلثوم نموذج في الكفاح والوطنية أتمني أن أري تكرارا لهذا النموج حتي نستعيد ريادتنا الفنية. والله ولي التوفيق