في كل ما يحدث ويدور حولنا من تخبط واستقطاب وانتقادات وممارسات تصل ليس فقط إلي حد تبادل الاتهامات والتحرش اللفظي ولكن أيضا العنف, ألم يتوقف أحد ويسأل نفسه ذلك السؤال ماذا بعد؟ وما هو المتوقع؟ وما الذي نريده؟ بالتأكيد لن يكون من بين هذه الإجابات ما هو شيء غير مرغوب فيه أو يحمل الضرر, لأن هناك مسلمات أساسية حتي وإن لم تعلن عن نفسها أو قد نبالغ في إساءة التعبير عنها وهي أننا كلنا نحب مصر وهذه هي القاعدة العامة, حتي أشد الناس تطرفا قد يكون من وجهة نظر البعض وحتي ولو أساء التصرف أو أخطأ في التعبير عن ذلك الحب فهو يحب مصر وتلك هي القاعدة, بل الأهم من هذا وذاك هو ان كل ما يحدث رغم ما تنطوي عليه من مساوئ وسلبيات ما هو إلا أشكال وصور للتعبير عن حب مصر والحكم الفيصل في ذلك الأمر هو الإدراك لدي كل فريق أو جماعة لكيفية ذلك الحب وما الذي يجب ان يكون عليه ذلك الحب, وحتي لو وصلنا إلي ذلك المثل المعروف وهو مثل الدبة التي قتلت صاحبها ليس بدافع الكره ولكن الدافع قد كان الحب عندما أرادت ان تقتل ذبابة أو تبعدها عن وجهه من خلال قذفه بحجر كبير فقضت عليه, هذه هي المسلمة الأولي والأساسية بعيدا عن المزايدات والمهاترات وسوء التعبير عن ذلك الحب, المسلمة الثانية هي أن أي فريق أو طرف في كل ما يذهب إليه إنما يريد به المصلحة القومية أو العامة لمصر, وإن كل ما يفعله إنما هو من وجهة نظره والطريقة أو الكيفية التي يدرك بها ذلك فهو إنما يحقق أو يسعي إلي تحقيق مصلحة الوطن وذلك بعيدا عن التطمينات أو الانتماءات ولكن الطرف أو الجانب الآخر أو الأطراف الأخري من خلال إدراكهاperceptions لمفهوم الحب والمصلحة القومية قد تري في كل ما يفعله انه ضد مصلحة الوطن وأنه يمكن أن يؤدي إلي تدمير الوطن وتقويضه والقضاء عليه, وهنا يصبح السؤال أيهما علي صواب وأيهما علي خطأ وحتي ذلك قد يكون من الصعب الإجابة عليه أو أنه من الناحية العلمية لا يمكن الجزم بصحة موقفه من الآخر لأن ذلك يرتهن بطبيعة إدراكات وتصورات كل طرف وقناعته بموقفه وهو ما يجعله يتمسك بما يقوم به وفي المقابل يري الطرف الآخر ان ذلك الموقف ينطوي علي قدر من التعنت والهيمنة وأيضا القهر لإملاء رأيه علي الآخرين وهم بذلك ينظرون إلي أنفسهم علي أنهم حملان وسط ذئاب طاحنة أو ذئاب مفترسة وهو ما قد يعتقده أيضا الطرف الآخر, تلك هي ببساطة مشكلة ما نحن فيه الآن بغض النظر عن أن الذين جاءوا إلي الحكم هم الإخوان المسلمين وبغض النظر عن تاريخهم السياسي القديم والذين كانوا أو اعتبروا في ظله بأنهم كانوا بمثابة الحملان الذين افترستهم ذئاب النظم السياسية السابقة التي توالت عليهم وان ما كانوا يريدونه وقتها هو إحقاق الحق وذلك علي الأقل من وجهة نظرهم وهي في الحقيقة قد تتعدي مجرد وجهة النظر إلي مستوي الأفكار العقيدية الراسخةPARADIgm وهي عبارة عن مجموعة من الأفكار الثابتة ذات البعد العقائدي الذي يرتبط بمبدأ الكفاحية وقد قاسوا سنوات طويلة في السجون ونكل بهم وذلك أيضا بغض النظر عن صحة موقفهم أو ما يعتقدونه من أفكار أو ما يذهبون إليه ولكننا كنا أمام فصيل وقطاع من المجتمع كان بالنسبة لهم النظام السابق بمثابة ذئب مفترس ولم يكن لهم أي شكل من أشكال التعبير عن أنفسهم في المجتمع من خلال القنوات الرسمية باستثناء عام2005 عندما أصبح لديهم تمثيل سياسي في البرلمان, وهم بالتأكيد كانوا يعلمون أنهم يفعلون الصواب وأن غرضهم طبعا لمنظومة الأفكار والمعتقدات المترسخة لديهم والتي قد لا تعجب الكثيرين إنما يسعون لتحقيق المصلحة العامة ولمصلحة الوطن ولكن قد يري الطرف الآخر أنهم لا يصلحون لإدارة الحكم وأنهم لا ينتهجون السياسات المطلوبة وبذلك هم ذئاب خاطفة وأنهم يريدون التطويح بها إلي المجهول أو بيعها للاخرين وأن لهم أجندة قديمة يريدون تنفيذها وأنها ليست بالقطع لمصلحة مصر كما انهم يقومون بأخونة البلد ويريدون الاستحواذ علي كل شيء حتي ولو كان صحيحا وأننا لا نذهب بالقطع معه, فهل كان الحزب الوطني السابق لا يعين إلي كل ما ينتمون إليه أو الذين ينتمون إلي لجنة السياسات وهل كان أحد في ذلك الوقت يعرض أو لديه القدرة علي منع ذلك, قد يكون خطأ كما أسلفنا ان نعمل بذلك المفهوم ولكن علينا أيضا لكي ما نصل إلي نقطة التقاء وأن نبتعد عن مفهوم الذئاب والحملان من حيث نظرة كل منا للآخر وندخل في مهاترات ومجالات لا طائل من ورائها متناسين عنصر الوقت أو الزمن الذي سوف يقوض الجميع ويلقي بنا في الهاوية, قد تكون حداثة تجربة الإخوان بالحكم أحدالأسباب وقد تكون التجربة الماضية مع النظام السابق أو النظم السابقة قد تجعل لديهم حساسية عالية ونوع امن التخوف في الوثوق فيما هو خارج الجماعة وقد يكون ذلك منطقيا لأنهم لايعرفونهم أو يتعاملون معهم, كما ان لديهم عقدة أو خبرة مريرة مع رجالات النظام السابق وفي الحقيقة كلنا عملنا في ظل النظام السابق وتعلمنا في ظله ولكن ليس بالضرورة أننا كنا منتفعين منه أو ننعم بالمزايا التي كان يغدق بها علي الأقرباء أو أهل الثقة أو أصحاب الواسطة, ومع ذلك فقد يصبح من الضروري الآن وطالما الأمر في النهاية تحكمه التجربة أو المحاولة الخطأ ان يبادر الإخوان بالانفتاح وان يكون لهم أرضيات جديدة في المجتمع ومفاهيم تجعلهم مدربين علي ممارسة اللعبة السياسية من خلال التوافق والانفتاح وقبول الآخرين وإشراكهم في التخطيط والحكم ومعرفة نبض الشارع, ومحاولة إزالة تلك الصورة التي لصقت بالأذهان حول الإخوان ومشروعاتهم التي يحاول الكثير من المعارضة التأكيد عليهم وأيضا تأكيد انها صحيحة, هناك حالة من التنافر والسبق ونقصد به سبق الإصرار أيا كانت دوافع ومبررات من يتنبئون ذلك من انهم لن يكونوا لمصلحة البلاد, لماذا لا يجرب الإخوان المعارضة طريقة أخري مختلفة وهي العمل المشترك والحوار وقبول تغيير المفاهيم والاتفاق علي مفاهيم جديدة وكذلك ترسيخ المصداقية بحيث لا يتبادل دور الحمل والذئب بل ان نكون جميعا حملان وليس ذلك لأن من سيخطف في النهاية ويفترس هو الوطن ذلك كا يجب ان يحدث ولكن كيف وبأي وسيلة فتلك ليست فقط أزمة السياسة والحكم في مصر أي النخبة الحاكمة ولكن أزمة كل فرد وعلي رأسهم المثقفيين والإعلاميون. دكتوراه في العلوم السياسية رابط دائم :