اثارت الغازات الإسرائيلية الأخيرة علي دمشق, حالة من الغضب العارم لدي القيادات السورية التي دأبت علي تبني استراتيجية لردع إسرائيل عن انتهاكاتها المستمرة للأراضي السورية, وهو ما دفع الرئيس بشار الأسد إلي فتح النار علي تل أبيب بتعهده بتحويل الجولان الي منطقة مقاومة علي غرار جنوب لبنان مركز المقاومة الإسلامية, وهو ما أيده الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله وإيران التي أعلنت تأييدها لتلك الخطوة التي كانت من المفترض أن تتم منذ أكثر من40 عاما, إلا أنها قوبلت بسخرية من إسرائيل التي اعتبرتها تهديدات لن يتمكن الأسد من تنفيذها. كما تهكمت المعارضة السورية علي تهديدات الأسد مؤكدة أنه لم ينجح في انهاء الصراع الدموي الدائر في البلاد منذ أكثر من عامين فكيف سيتمكن من فتح جبهة جديدة للصراع. كما جاء اعطاء الأسد الضوء الأخضر للفصائل الفلسطينية بشن هجمات انتقامية ضد إسرائيل في الجولان لتثير بلبلة إذ رفضت قيادات من حماس المشاركة في تلك العمليات معتبرة أن التحرير يجب أن يأتي من الداخل الفلسطيني في البداية, وهو الأمر الذي ادي الي انشقاق كوادر عسكرية من الحركة بعد رفضها لتوجهاتها ازاء الأزمة السورية. وقالت صحيفة جيروزاليم بوست الإسرائيلية إنه وسط حالة التخبط التي تعيشها سوريا تخرج إسرائيل عن صمتها لتؤكد علي لسان الرئيس السابق للموساد أفرايم هاليفي أن الأسد هو رجل تل أبيب في دمشق وأنه حافظ علي الهدوء في تلك المنطقة منذ توقيع اتفاقية فك الاشتباك عام1974, مشيرا الي أن تهديدات النظام كانت مفاجئة لإسرائيل خاصة بعد التطمينات التي ارسلتها عبر قنوات سرية للنظام السوري بأنها لن تتورط في الحرب الدائرة بل أن غاراتها كانت للدفاع عن نفسها وهو ما ارتضت به القيادات السورية مكتفية بإصدار الادانات فقط. وتقدر إسرائيل التي تحتل هضبة الجولان منذ أكثر من40 عاما أهمية تلك المرتفعات بالنسبة لها خاصة علي الصعيد الاستراتيجي والعسكري لأنها الحصن الذي يحميها من الفصائل الفلسطينية والمقاومة اللبنانية, لذا أكدت استحالة التنازل عنها, لكن قرار الأسد بامداد حزب الله بالسلاح النوعي وكذلك الدور الخفي الذي قد تلعبه طهران في تلك العمليات قد يغير موازين القوي أو يأتي بنتائج مغايرة تهدد الوجود الإسرائيلي في تلك المنطقة التي عاشت لسنوات طويلة في هدوء واستقرار. ويري محللون أن الغارات الإسرائيلية جاءت لإرباك وإشغال الجيش السوري عن تحركات المعارضة وافساح المجال لجنودها للزحف والسيطرة نحو قلب دمشق إلا أن محاولاتها باءت بالفشل, كما أن مساعي الاسد بتحرير الجولان لن تفلح خاصة أن حزب الله لن يستطيع أن يحارب علي عدة جبهات كما أن الشعب السوري الذي يتعرض يوميا لعمليات ابادة جماعية لن يتطوع للانضمام الي الجيش الذي يسفك دماءه. وأضافوا أنه علي الرغم من أن تهديدات الأسد اثارت حالة من الغليان في الداخل الإسرائيلي إلا أنها ستفشل في النهاية نظرا للرفض الشعبي لنظام الأسد وللطبيعة الجغرافية التي قد تحسم الصراع لصالح إسرائيل لأن المرتفعات تتمتع بمميزات دفاعية وهجومية أي يسهل علي إسرائيل استغلالها في الدفاع عن نفسها, كما أن الرد الإسرائيلي سيكون كارثيا علي سوريا لأن تل أبيب ستلجأ الي سياستها العدوانية في استخدام الصواريخ التي قد تضرب عمق دمشق.