في كل حقبة أو مرحلة ما يبرز قاموسنا اللغوي مصطلحات يقال لها بالعامية' ينحت كلمة' تتصدر أحاديثنا و حواراتنا, ونتشدق جميعا بها و نعيد و نكرر ترديدها حتي يصيب الناس الملل منها فتفقد معناها و مدلولها ثم تتحول إلي وسيلة للسخرية والتهكم. و من الألفاظ المظلومة تأتي كلمة' التغيير' و قد سبقها في السنوات الخمس الأخيرة كلمات مثل' الإصلاح' و' التطوير' و' التوريث', ومن كثرة ترديدها تهكم الأصدقاء أخيرا, معتبرين أنها من ضمن قاموس الصفوة المتميز, كما كما نقول في الماضي الإمبريالية و التصفوية... الخ من مصطلحات طغت و إنتشرت في السبعينيات و الثمانينيات. الآن الجميع يتحدث عن التغيير, و يدعوا للتغيير, ويطالب بالتغيير, و يتهم الآخر برفض التغيير, و يعتبر أن معارضي التغيير أعداء للوطن, وأعداء للمستقبل, وأعداء للإصلاح. لكن أحدا لم يحدد لنا ماذا يقصد بالتغيير؟ و ماهي أهدافه من ورائه؟ و ماهي أدواته لتحقيقه؟ وما هي القوي صاحبة المصلحة وراءه؟ و كيف سيتحقق؟؟ وما هي القوي الاجتماعية التي ستقوده؟ وماهي أهدافها ؟وما هي علاقتها ببقية قوي المجتمع؟ الحقيقة المؤكدة أن أنصار التغيير في مصر هم كل المصريين المتنافسين للإستحواذ علي الشعار ووصم الآخرين بما ليس فيهم. الحزب الوطني رفع شعار الإصلاح و التغيير منذ عام2002 في مؤتمره العام الثامن,ومن خلاله استنبط مجموعة من الشعارات السياسية المرحلية, كل شعار منها ارتبط باستهدافات الفترةذات الصلة, ولن أكرر هنا هذه الشعارات, و علي من يرغب التأكد من ذلك العودة إلي الوثائق, و مراجعة التشريعات و القرارات. أحزاب المعارضة ترفع شعار التغيير من قبل ذلك بكثير, لكن الظروف الدولية و الإقليمية المحيطة دفعت بها لإعادة صياغة مضمون خطابها للتغيير, وهي بذلك( الأحزاب) تفاعلت بإيجابية مع المتغيرات أيضا, و إلتزمت إطار الدعوة للتغيير من خلال الدستور و النظام العام للدولة والمقصود هنا بالقطع القانون مهما اعترض طريقها من عوائق. أما جماعات الاحتجاج فقد إلتحقت أخيرا بقافلة التغيير, وهي تثير ضجة مروعة علي التغيير كأنها وحدها صاحبة المطلب و المنادية به... لكنها و بحق لم تعلمنا ماذا تقصد به!!! حتي إنك تشعر بأن التغيير الذي تطالب به ليس سوي تغيير الأشخاص, دون تحديد للمضمون الجديد المطلوب. لقد علمنا التاريخ وعلمتنا التجارب في مصر أن البحث عن الأشخاص دون تحديد المضمون لا يحقق التغيير, و إنما يأتي ببدلاء غير مؤهلين يبحثون لفترة عن المضمون و في الأغلب يرتدون للخلف. [email protected]