أخذت الأرض أهمية وجودها من وجود عناصر الحياة عليها دون غيرها في الكون وهذه ميزة اختارها الله سبحانه وتعالي كي تكون منوطة ومخصوصة بهذا الكوكب الصغير إذا قورن بكواكب المجموعة الشمسية فما بالك بحجم الشمس نفسها. ولذلك كان من الأهمية بمكان النظر بعين العبرة والاتعاظ إلي كل الخلق في كل أطواره المختلفة مما يجعلنا ننظر إلي حقيقة وجود الخالق سبحانه وتعالي الذي خلق كل شيء فقدره تقديرا من حيث الزمان والمكان والمساحة ومايحيط بهما من كل أوجه الحياة في عرف الإنسان. فإذا كان الله سبحانه وتعالي قد خلق الإنسان كي يتعرف عليه ويدرك أنه لولا وجود الإنسان ماعرف أحد الله في وجود الثواب والعقاب لذلك كان من الضروري خلق الأرض حتي تكون شاهدة عليه وهي مستقرة في الدنيا والأخرة. ومن أجل ذلك علينا أن ندرك أنه قبل الخلق كان الله سبحانه وتعالي ولا أحد غيره ثم خلق الحياة الدنيا والتي كانت متعلقة بخلق السموات والأرض ثم خلق الآخرة من أجل مجازاة الإنسان وحسابه علي كل ماارتكب من ذنوب وسيئات أو ما قدم من خير وحسنات. فقبل الخلق كان الله سبحانه وتعالي ولا أحد سواه وكان عرشه علي الماء كما ورد في آيات القرآن الكريم فهو الأول الذي لاشيء قبله وهو الأخر الذي لاشيء بعده وهو الظاهر الذي لا شيء فوقه وهو الباطن الذي لاشيء تحته وهو بكل شيء عليم. وقبل الخلق لايعرف أحد منا شيئا عن أي شيء في خلق الله ولم يدلنا مخلوق من مخلوقات الله عن هذه المرحلة ولا مافيها ولا الأحداث التي تعيش أو تحدث فيها ومازالت تحدث فيها ولم يدلنا أحد عنها أو يذكرنا بها أو يدلل علي وجودها إلا الله ورسوله. ومن أجل أن يعرف الخلق خالقهم الله سبحانه وتعالي خلق الإنسان والكون بما فيه من سموات وأراضين شاهدة علي عظمته ووحدانيته سبحانه وتعالي في مشوار حياته القصير في الدنيا التي يعيش فيه كل واحد منا بأسبابه مستقيما كان أو منحرفا,طائعا كان أو عاصيا فكل شيء محسوب عليه في حياته وصحته ومايعول. ولذلك كان حديث القرآن الكريم باستفاضة عن خلق الأرض بصفات معينة تمنحها خصائص غير موجودة في كواكب أخري لأهميتها القصوي في حياة الإنسان جيلا بعد جيل في سلسلة متصلة الحلقات في العديد من الأيات فهي تكفيه في كل مايحتاج من هواء وماء وغذاء حتي يحافظ علي استمراره ووجوده في هذه الحياة. وفي نهاية المطاف ينتقل الإنسان من الدنيا التي عاش فيها بكل خيرها وشرها إلي مرحلة أخري تسمي الحياة الآخرة لايدرك أحد منا طبيعتها ولا مايحدث فيها ولا الأجواء المحيطة بها فيحاسب كل واحد منا علي ما اقترفت يداه في الدنيا بعملية تسجيل ممنهجة لكل حركاته وسكناته ونومه ويقظانه في خلايا جسمه وأنسجته وأعضائه وأجهزته ومايحيط به من كل مكونات الأرض والسماء. وفي الآخرة لايستطيع المنافق والكذاب أن يبرر كل أفعاله علي هواه فكل شيء سيتحدث عنه ويدلي بأقواله في وجود جلده ويديه ورجليه وكل أعضائه شاهدة علي أفعاله وتصرفاته وفي غياب المحامي الذي يدلس في أقواله علي القضاة والمحكمة لأن القاضي في هذا الموقف هو الله سبحانه وتعالي, ولم نعرف كل ذلك إلا من المتحدث عنها وهو الله ورسوله. ومن هنا نجد أن المراحل الثلاث المختلفة التي يجب أن يدركها الإنسان كي يعرف حقيقة خلقه هي أنه قبل الخلق كان الله سبحانه وتعالي وفي الخلق كانت الدنيا وبعد الخلق كانت الأخرة وكما قلت من قبل فإننا لانعرف شيئا عن الدنيا إلا بقدر ماتوصل إليه العلم الحديث من معرفة وماكتبته الأقلام وسجلته عن الحضارات المختلفة ومادلتنا عنه الأديان السماوية. ولقد أفاض علماء الفلك في الحديث عن الأرض ومكوناتها وما تحتويه من مخازن عامرة بكل الخيرات التي تعين الإنسان المكرم علي متاعب الحياة وتهدف إلي لفت نظر الإنسان إلي عظمة الخالق سبحانه وتعالي الذي وضع كل أسباب الحياة في هذه الدنيا وحفظها من كل الأخطار المحدقة بها بالرغم من أنها كرة معلقة في الفضاء تتخطفها الشوارد التي تأتي من كل حدب وصوب علي امتداد الكون الواسع رابط دائم :