نشرت جامعة هارفارد أخيرا دراسة تشير فيها إلي أن تكلفة حربي العراق وأفغانستان بلغت6 تريليونات دولار وهو رقم من الصعب اعتباره إجمالي التكلفة الفعلية, خاصة أن فاتورة الحرب العالمية الثانية لم تتضح إلا عام1980 أي بعد أربعة عقود من نهايتها, ولا تزال الولاياتالمتحدةالأمريكية تسدد حتي الآن فاتورة حربها ضد فيتنام التي خاضتها في الستينيات من القرن الماضي, وهو ما أشارت إليه لندا بيلمز معدة التقرير وأستاذة الاقتصاد بجامعة هارفارد, والتي أشارت إلي أن نصيب كل أسرة أمريكية من هذه التكلفة حتي اليوم بلغ75 ألف دولار. ويكمن مغزي زيادة تكلفة أي حرب في أنه لا يتم احتساب ما تم إنفاقه حتي انتهاء العمليات العسكرية فحسب بل ما سيتم إنفاقه للجنود المصابين من إعانات وتعويضات حتي وفاتهم, وفيما يتعلق بحربي العراق وأفغانستان فان الجزء الأكبر من التكلفة النهائية للحرب لم تدفعها واشنطن بعد ولم تدخل ضمن الدراسة فلا يمكن احتسابها حاليا وأكدت الدراسة وجود1.56 مليون جندي أمريكي, يمثلون56% من اجمالي عدد المحاربين القدماء, وشارك نصفهم في حربي العراق وأفغانستان, سيظلون يتلقون رعاية طبية وإعانات اجتماعية طيلة حياتهم. وما يضاعف من تكلفة الحرب هي الإصابات التي عاد بها الجنود الأمريكيون والتي هي من نوعية ارتجاج في المخ وثقوب في الجمجمة واضطرابات ما بعد الصدمات النفسية العنيفة واضطرابات في الجهاز العصبي وبتر أحد أعضاء الجسم علي الأقل, وكل ذلك يتطلب رعاية صحية خاصة وكذلك تعويضات وإعانات هائلة. وعلي سبيل المثال وليس الحصر,أشارت الدراسة إلي أن هناك6476 جنديا أمريكيا يعانون من ثقب في الجمجمة, و أن1715 آخرين بتر لهم أكثر من عضو, و30 ألف جندي مشاة أصبح غير لائق للخدمة العسكرية بنسبة100% و145 ألفا آخرين غير لائقين بنسبة تتراوح مابين70% إلي90%. كذلك يعاني ثلث الجنود الأمريكيين العائدين من العراق وأفغانستان, علي أقل تقدير, يعانون من تلك الأمراض, فضلا عن ربع مليون آخرين يعانون من ارتجاج في المخ, وأن الرعاية الصحية التي يتمتع بها هؤلاء الجنود مكلفة للغاية بسبب خطورة الإصابات نفسها. ودللت( بيلمز) علي صحة قولها بأن وزارة المحاربين القدماء الأمريكية ضاعفت ميزانيتها من61 مليار دولار عام2001 إلي141 مليارا عام2013, وهو ما يمثل4% من الموازنة العامة الأمريكية. فضلا عمن يستقبلهم مستشفي( ولتر ريد) حتي الآن من حالات خطيرة, حيث استقبل العام الماضي107 حالات, وعام2011(170) حالة و عام2010(100) حالة, وأن بقاء نحو ستين ألف جندي امريكي في أفغانستان وعشرة آلاف آخرين في العراق سيكبدهم الكثير, خاصة أن تكلفة الجندي الأمريكي الواحد في الخارج يكلف واشنطن مليون دولار سنويا, وكل ذلك يدخل ضمن تكلفة الحربين ولم تشمهلم الدراسة. وقدرت أستاذة الاقتصاد أنه اذا كانت الولاياتالمتحدةالأمريكية قد أنفقت حتي الآن134 مليار دولار علي علاج هؤلاء الجنود, فانه من المنتظر أن تصل تلك التكلفة إلي آلاف المليارات خلال العقود المقبلة, خاصة في ظل ارتفاع حالات الانتحار بين صفوف الجيش الأمريكي, والتي بلغت نهاية العام الماضي30 حالة. ولم يقتصر الأمر علي ذلك, حيث إن القروض التي حصلت عليها واشنطن, والتي تقدر بألفي مليار دولار, سترفع فوائدها من تكلفة الحرب وستصل خلال العقود الثلاثة المقبلة الي آلاف المليارات من الدولارات أيضا, بينما لم تسدد منها واشنطن سوي260 مليارا فقط. في حواره مع صحيفة وول استريت جورنال قال لورانس ليندسي مديرالمركز الاقتصادي القومي الأمريكي في عهد الرئيس بوش الابن: ان تكلفة مبالغا فيها ستتراوح ما بين مائة إلي مائتي مليار دولار, وهو ما اعتبرتها الادراة الأمريكية آنذاك تكلفة مبالغا فيه, وقدم استقالته بعدها علي اثر تشكيكهم في تقديراته الفلكية من وجهة نظرهم آنذاك- و التي كانت خاطئة بالفعل, حسبما تشير بيلمز, لأنها جاءت أقل بكثير جدا مما ستدفعه واشنطن علي مدار العقود المقبلة ليصبح الجميع مخطئا في تقديراته. رابط دائم :