لطالما تعلقت أبصارنا باتجاه الشمال للبحث عن حلول لمشاكلنا, بعد أن فقدنا الثقة في أنفسنا في ابتكارحلول صناعة محلية لأي مشكلة صغيرة أو كبيرة. تعلمنا الكسل فتوقفت أدمغتنا عن الإبداع واستسهلنا الحلول الجاهزة المستوردة من الخارج. وأصبحنا ننتظر الأفكار والمناهج والمنتجات الصناعية والزراعية والابتكارات التكنولوجية وحتي خطوط الموضة من الغرب. ولأن الغرب اعتاد تصدير كل شيء, ووجد فينا السوق التي تستقبل أي شيء بغير فحص ولا تمحيص, صدر إلينا منتجاته وبدعه وافتكاساته وضلالاته وهلاوسه, ووجدت لدينا سوقا رائجة. من هذه البدع كذبة أبريل التي سجلت أولي حوادثها في فرنسا في القرن السادس عشر عندما تراجع الملك شارل العاشر عن التقويم المعدل الذي تبناه في أول أبريل, وفي اليوم نفسه من العام التالي, أطلق الفرنسيون موجة شائعات كذبوها في نهاية اليوم, ليتحول الكذب الي تقليد سنوي ليوم واحد فقط. شاعت التجربة واستحسنها كثيرون حول العالم, ونسي الجميع أصل الحكاية. أحد أشهر تطبيقات كذبة أبريل ما بثته هيئة الإذاعة البريطانية المشهود لها بالمصداقية عام1957 عن اكتشاف أشجار سباجيتي في سويسرا, كثيرون صدقوا الخبر وقاموا بالاتصال بالقناة للسؤال عن أماكن بيع شتلات المكرونة. وفي السويد, أعلنت القناة التليفزيونية الوحيدة عام1962 علي لسان خبير تقني عن إمكان تحويل التليفزيون الأبيض والأسود إلي تليفزيون ملون ولم يكن قد تم اختراعه بعد بوضع كيس نايلون علي الشاشة, كثيرون صدقوا النصيحة وحاولوا تطبيقها ثم اكتشفوا عدم صحتها. الآن نمارس الكذب علي الطريقة الفرنسية في أول أبريل من كل عام علي سبيل الهزار, ويتباري الأطفال في تدبيج المقالب بأكاذيب مصطنعة من أجل الحصول علي ضحكة صافية من القلب. حقيقة واحدة تسترعي الانتباه في هذه الظاهرة التي أصبحت عالمية وهي أن فكرة ممارسة الكذب في يوم واحد من السنة انتشرت في كل أنحاء العالم إلا في ألمانيا وإسبانيا.. لأن طبيعة هذين الشعبين لا تعرف المزاح الكاذب ولاتري في الكذب وسيلة للإضحاك, فما كان أحرانا أن نتبني هذا السلوك من بدايته وألا نندفع وراء هذه البدعة البغيضة كما نندفع وراء كثير من البدع الضارة التي تخالف معتقداتنا الدينية وإرثنا الأخلاقي والثقافي.