يؤلمني أن أري صحفيا قديرا في قامة الصديق العزيز عادل حمودة وهو يطلق الرصاص علي نفسه, يطلق الرصاص علي تاريخه المهني, يطلق الرصاص علي قلمه, يطلق الرصاص علي أصابع يده, علي أصابع قدميه, يقطع الطريق علي نفسه, علي مستقبله المهني, يضع نهاية مؤلمة ومأساوية وحزينة علي رصيده الهائل من التجارب في عالم الصحافة الأسبوعية من روزاليوسف الي صوت الأمة الي الفجر, يضع بداية كئيبة, غير مبشرة, منهزمة, متشائمة لأحلامه المنكسرة في تأسيس صحيفة يومية, فقد اختار الصديق العزيز أن يطلق النار علي مصداقيته, علي فراسته في التمييز بين المادة المدسوسة والمادة السليمة. الاعتذار المؤلم, الذي كتبه الصديق العزيز عادل حمودة, بخط يده, بكامل إرادته, بكل وعيه, في صحيفته, وبتوقيعه.. هو صدمة لنا جميعا, هو لطمة علي وجوهنا جميعا, هو شهادة من أستاذ كبير, يشهد بها علي نفسه, بما يدمر مصداقيته التي هي أعز وأغلي ما يملك الصحفي. صديقي العزيز عادل حمودة أبكاني, وأشجاني, وكاد يقطع نياط قلبي, ويمزق أحشائي وأمعائي, وهو يعتذر للسيد طارق عامر رئيس البنك الأهلي, والدكتور فاروق العقدة رئيس البنك المركزي.. نعم: أبكاني عادل حمودة وأنا أراه يعترف علي نفسه, يشهد علي نفسه, يحاكم نفسه, يعاقب نفسه, ينحر مصداقيته, يقطع رقبتها, يسيل دمها, يمثل بجثمانها.. يفعل كل ذلك لعل طارق عامر يرضي, ولعل فاروق العقدة يسامح, يفعل كل ذلك يرجو المغفرة, ويعلن التوبة... فيرفع طارق عامر وفاروق العقدة في سابع سماء.. ويخسف بنفسه الأرض حتي سابع أرض... وأسفل أرض!! الله يسامحك ياصديقي, ذبحت صحيفتك اليومية, في بطن هذا الاعتذار العنيف.