من قفا إلي رد القفا, ومن مظاهرة إلي مليونية, ومن اشتباكات إلي إصابات, ومن جرحي إلي قتلي, هكذا صارت مصر مجتمعا للثأر, ووطنا للعنف, وبلدا للكراهية, والبغضاء, بينما القانون في إجازة مفتوحة, وأصبح بمقدور أي مواطن أن ينال من آخر في ماله, ودمه, وعرضه, لا رادع له, ولا منجي من شروره, افعل ما تشاء بمن تشاء, فأنت في مصر!! جمعة رد الكرامة, بعد مسيرة رد القفا هكذا سموها اليوم ممن قرروا التوجه إلي المقطم حيث يوجد مكتب الإرشاد, ومن الاسم يتبين الهدف من الذهاب لمقر الإخوان إذ هو الثأر لمن ضربوا واصيبوا من المتظاهرين والصحفيين علي يد شباب جماعة الإخوان الذين رأوا في قدوم هؤلاء إلي المقر جرأة وتجاوزا وتطاولا يستحقون عليه التأديب والضرب والاهانة حتي لا يفكروا أن يأتوا مرة أخري إلي محراب الجماعة المقدس ويتجرأوا برسم يسيئ لها وهي صاحبة الصوت الأعلي والأقوي في هذا البلد. كل ذلك يحدث في الشارع بعيدا عن القانون وفي غياب عن لغة العقل والحكمة التي لم يعد لها مكان بين النخبة التي انجرفت إلي حرب كلامية وباركت ما يحدث, دون مسئولية وطنية, والنتيجة هي تنامي العنف والعنف المضاد, ولعل ما حدث أمام مكتب الإرشاد هو خير مثال علي ذلك, حتي أن العنف أصبح يطال الصحفيين الذين ليس لهم سلاح إلا القلم, وهنا أشير إلي واقعة الاعتداء علي الزملاء الصحفيين أمام مكتب الارشاد بالمقطم, بهذه الصورة السافرة التي تعكس كرها دفينا, وحقدا أسود تجاه الصحافة وتقدم دليلا جديدا علي أن السلطة الحاكمة لم تعد قادرة علي أن تخفي غضبها, وكراهيتها, فإذا بها تتحول مع حدوث أي موقف إلي سلطة تنكيل, وبطش ضد الصحفيين. ولعل ما حدث ضد الصحفيين لم يكن مفاجئا, كما أن تبرير قيادات الإخوان للواقعة لم يكن أيضا مستغربا إذا ما تم النظر إليه من منظور الكراهية الإخوانية التقليدية للصحافة, وتناسوا الدور الوطني والتاريخي الذي قامت به الصحافة في إنجاح الثورة. يا سادة الشعب الذي ثار طلبا للحرية لن يسمح مرة أخري بتقييد الإعلام وسوف ترد السهام علي نحور اللئام.. ولن تقصف الأقلام!! رابط دائم :