منتجات بير السلم واستيراد السلع الرديئة وجهان لعملة واحدة سحبت البساط من تحت أقدام المنتج المصري وتسببت في خروج بعض المصانع من السوق وخفضت إنتاج البعض الآخر وأخرجت لسانها لصناعتنا الوطنية, ويرجع ذلك لعدم وجود تكافؤ بين الإنتاج المحلي وهذه الصناعات فهناك مقولة إن المنافسة الحرة تصنع القوة ولكن لا يوجد تكافؤ هنا بين المتنافسين. والتساؤل الآن: من يوقف نزيف السلع المستوردة المغشوشة والمهربة خاصة التي تضر الصناعة المصرية في حين أن السلع الاستثمارية والخامات التي تحتاج إليها المصانع للتطوير وزيادة الإنتاج تتراجع ؟! علي الرغم من امتلاك الصناعة المصرية العديد من الميزات التنافسية في قطاع الملابس الجاهزة والمنتجات الجلدية من حيث توافر محصول القطن والجلود بوفرة بالاضافة الي ثقة المستهلك المصري والاجنبي في هذه الخامات والصناعات القائمة عليها فإنها مازالت تعاني الاهمال وغياب دور المؤسسات الحكومية في الرقابة علي الصناعة ومحاولة النهوض بها من جديد. تعاني صناعة المنتجات الجلدية خطر الركود الذي بات يهددها في ظل غزو المنتجات الصينية للاسواق المصرية في كل نواحي تلك الصناعة التي تتطلب المساعدة من كل الاطراف حتي تعود لعصرها الذهبي. في البداية يؤكد هشام جزر رئيس المجلس التصديري لصادرات المنتجات الجلدية السابق ان صناعة المنتجات الجلدية مرت بالعديد من المراحل التطويرية بداية من التصدير الي دول الاتفاقيات والتبادل التجاري مثل روسيا وبولندا ورومانيا والتي جعلت الذوق والفكر في هذه الصناعة مرتبطا بمخاطبة الدول الشرقية حتي انتقلت الي مرحلة التصنيع من اجل التصدير للدول الغربية ودول الخليج ومنذ ذلك الحين توقف تطوير الصناعة. واضاف ان صناعة الدباغة لم تلقي تطورا يذكر وبدأت في الاختلال في مجموعة من الجوانب مثل فنيات العمالة وضعف الانتاجية وتشغيل الخامات الجيدة مما جعل الصناعة المحلية دون المستوي الذي لا يرقي للتصدير الي الاسواق الاوروبية ودول الخليج. واشار الي ان دخول عنصر العشوائيات التجارية في صناعة المنتجات الجلدية والتي تتمثل في الباعة الجائلين وبعض المصانع الصغيرة التي اصبحت تنتج كميات ضئيلة تنافس بها داخل الاسواق دون اعطاء ادني اهتمام لعامل الجودة افقد دول الخليج الثقة في المنتج المصري. واكد ان التدخل السافر من قبل العشوائيات التجارية احدث انفصاما فكريا بين المستهلك واهل الصناعة والتجارة خاصة ان المستهلك كان يحصل علي ضمان من المصنع او معرض السلع علي المنتج للتأكيد علي جودة المنتج, اما الباعة الجائلون فلا يمتلكون اي ضمانات إلا عنصر السعر فقط وبالتدريج فقدنا الاهتمام بتحقيق الجودة واكتفينا بخفض الاسعار. واوضح ان اتجاه العمال الفنيين في المصانع الكبري الي العمل الحر واللجوء الي المشروعات الصغيرة بعد الحصول علي القدر الكافي من الخبرة احدث شرخا في جدار صناعة المنتجات الجلدية في بداية التسعينيات حيث بدأت هذه الورش الصغيرة في التعامل مع الباعة الجائلين فقط مما ادي الي ظهور الاسواق العشوائية التي اصبحت اكبر منافس للمصانع الكبيرة وهي اسواق تفتقد سياسة الوصول الي الجودة المثلي التي تتناسب مع المستهلك فعلا وليس كيفا. واضاف ان المصانع الكبري اتجهت الي خفض نسبة الانتاج الي الربع تقريبا وفقدت ما يقترب من75% من انتاجها مما ادي الي ارتفاع تكلفة صناعة المنتجات الجلدية وفتح المجال امام المنتجات المستوردة والصينية لغزو السوق المحلي بأسعار منخفضة اضعفت من انتاجية السوق المحلي لتصبح غير قادرة علي المنافسة. وارجع هذا الانخفاض الملحوظ في اسعار المنتجات المستوردة الي انخفاض التكاليف المباشرة وغير المباشرة في الصناعة الخارجية نظرا لتوافر الانتاج الكمي. ويري انه للنهوض بصناعة الجلود من جديد لابد من وضع اسعار استرشادية للمنتجات الواردة من الخارج حتي تساعد المنتج المصري علي المنافسة من خلال تقنين المستورد مع فحص المنتجات الواردة حتي لا تضر بصحة المستهلك وتتسبب في الاصابة ببعض الامراض الجلدية والاهتمام باختبارات التقادم السريع للمنتج بجانب التأكيد علي مطابقة المنتجات للجودة المقررة بهيئة المواصفات والجودة المصرية من خلال تدريب العمالة الفنية اللازمة. ويري عبد الرحمن الجباس عضو مجلس ادارة اتحاد الصناعات وعضو مجلس ادارة غرفة دباغة الجلود ان مشكلة صناعة الاحذية والمنتجات الجلدية في مصر تكمن في غياب التطوير عنها حيث مازالت تقف عند طرق الصناعة البدائية مما يزيد من تكاليف الانتاج. واشار الي ان مصانع الاحذية المحلية تنتج نحو20 حذاء يوميا اي ما يعادل800 حذاء شهريا, مؤكدا ان صانعي الاحذية يلجأون الي زيادة تكاليف الانتاج لتحقيق ارباح ومكاسب تصل الي200%. واكد انه نظرا لقلة انتاج الاحذية في الوردية الواحدة يوميا لمصانع الاحذية يلجأ الصانع المصري الي تعويض هذا النقص في الانتاج برفع هامش ربحه الذي يظهر في رفع اسعار بيع المنتج. واوضح سبب اتجاه المستهلك الي شراء الاحذية المستوردة وخاصة الصينية الي قيام الصانع الاجنبي بشراء الجلود المصرية وشحنها الي بلده وتحويلها الي منتجات جلدية بأقل تكاليف انتاج ثم يتم تصديرها الي مصر علي هيئة منتجات منخفضة الاسعار. واضاف انه نتيجة لهذا الفرق في الاسعار بين المنتجات المحلية والمستوردة تراجع المنتج المحلي مما ادي الي توقف عمل بعض مصانع الاحذية وتشريد آلاف العمال, مشيرا الي ان عائق الصناعة لا يقتصر علي اسعار الجلود كما يدعي البعض وإنما اسعار تكاليف الانتاج التي تقف حائلا امام منافسة المنتجات المستوردة. رابط دائم :