محامو الشرقية يمتنعون عن حضور جلسات الجنايات رفضًا لرسوم الخدمات المميكنة ( صور)    الكنائس الأرثوذكسية تحتفل من قلب القاهرة بمرور 17 قرنًا على مجمع نيقية    كليات الأزهر تستعد لامتحانات الفصل الدراسي الثاني.. تعليمات بتوفير المياه والمراوح داخل اللجان.. إدارة الجامعة تحذر من استخدام الهواتف وتحدد ضوابط الاعتذار الطبي    الجامعة الألمانية بالقاهرة تشارك في منتدى الأعمال العربي ببرلين    تنفيذ 3972 وحدة سكنية وتطوير المناطق الصناعية بالعاشر من رمضان    استجابة سريعة .. تدخل عاجل من رئيس الوزراء لحل أزمة مياه الشرب بالغردقة    استمرار أعمال تطوير الطرق بمدينة سوهاج الجديدة.. رفع كفاءة المحاور    رئيس اقتصادية قناة السويس يوقع عقد مشروع صيني للملابس الجاهزة.. باستثمارات 15 مليون دولار    وزير الخارجية الإيراني: لا سلام دون دون حل القضية الفلسطينية    تعزيز التعاون الاقتصادي أبرزها، آخر تطورات العلاقات المصرية العراقية في عهد السيسي    بوتين: روسيا تسعى إلى القضاء على أسباب الأزمة فى حربها مع أوكرانيا    مصرع شخصين وإصابة 19 آخرين إثر اصطدام سفينة مكسيكية بجسر بروكلين    العربية: العثور على جثة محمد السنوار و10 من مساعديه داخل نفق في خان يونس    تردد قناة بي إن سبورت 6 الناقلة لمباراة مصر ضد نيجيريا اليوم    روني يهاجم هالاند بعد تنازله عن ركلة الجزاء لمرموش: ليس رونالدو وميسي    متى تقام مباراة اتلتيكو مدريد ضد ريال بيتيس في الدوري الاسباني؟    بسبب نهائي أفريقيا.. بيراميدز يشكو من تعنت رابطة الأندية ومجاملة الأهلي    لطلاب الثانوية الأزهرية 2025، رابط الحصول على أرقام الجلوس بالصورة من قطاع المعاهد    تعاملات بقيمة 8 ملايين جنيه، ضربات أمنية ضد تجار النقد الأجنبي    كشف ملابسات فيديو يظهر التعدي على شخص بالقليوبية    المدارس الثانوية تعلن تعليمات عقد امتحانات نهاية العام للصفين الأول والثاني الثانوي    إخماد حريق اشتعل داخل مطعم فى النزهة    سحب 944 رخصة لعدم تركيب الملصق الإلكترونى خلال 24 ساعة    رئيس جامعة بنها يلتقى عددا من قيادات الجامعات الصينية    في ذكرى ميلاده ال 123، محطات فى حياة الصحفي محمد التابعي.. رئاسة الجمهورية تحملت نفقات الجنازة    حفيد عبد الحليم حافظ: العندليب لو اتجوز هينكر الجواز ليه.. شيء مش عقلانى    الرقية الشرعية لطرد النمل من المنزل في الصيف.. رددها الآن (فيديو)    الأزهر للفتوى: أضحية واحدة تكفي عن أهل البيت جميعًا مهما بلغ عددهم    تحويل مجمع السويس الطبي إلى مستشفى رقمي يعتمد على تكنولوجيا الجيل الخامس (5G)    «الرعاية الصحية» تعلن اعتماد مجمع السويس الطبي وفق معايير GAHAR    تصميم الأطفال وراثيًا يهدد التوازن الإنساني.. الخشت يطلق جرس إنذار من الكويت بشأن تحرير الجينوم البشري    10 استخدامات مذهلة للملح، في تنظيف البيت    انتشال جثة شاب غرق في ترعة بأسوان    براتب 15 ألف جنيه.. «العمل» تعلن 21 وظيفة للشباب بالعاشر من رمضان    مصطفى عسل يهزم علي فرج ويتوج ببطولة العالم للإسكواش    عاصفة ترابية تضرب الوادي الجديد.. والمحافظة ترفع درجة الاستعداد    في عيد ميلاده.. عايدة رياض توجه رسالة مؤثرة للزعيم |شاهد    رئيس جامعة بنها يلتقي عددًا قيادات الجامعات الصينية    الصحة: تشغيل أول مركز تخصصي لعلاج أمراض الفم والأسنان بمدينة نصر    رسميا.. تنصيب بابا الفاتيكان ليو الرابع عشر اليوم    النسوية الإسلامية (وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ): أم جميل.. زوجة أبو لهب! "126"    السكة الحديد تعلن تأخيرات القطارات المتوقعة اليوم الأحد    خطوة مهمة على طريق تجديد الخطاب الدينى قانون الفتوى الشرعية ينهى فوضى التضليل والتشدد    "التمور العربية على خريطة الاقتصاد العالمي".. مصر تتصدر الإنتاج وسوق عالمي ب18.7 مليار دولار بحلول 2030    القاهرة الإخبارية: أكثر من 100 شهيد جراء غارات الاحتلال على غزة منذ فجر اليوم    بدء التصويت فى الانتخابات الرئاسية ببولندا    أسعار الأسماك اليوم الأحد 18 مايو في سوق العبور للجملة    مهرجان المسرح العالمى فى دورته ال40: يرد الجميل ل « الأساتذة »    أهداف السبت.. رباعية البايرن وثلاثية باريس سان جيرمان وانتصار الأهلى وبيراميدز في الدوري المصري    يمتلكون قدرة سحرية على إدراك الأمور.. 5 أبراج تجيد اتخاذ القرارات    «إعلام المنوفية» تحصد جائزتين بالمراكز الأولى في مشروعات التخرج    استشهاد طفل فلسطيني وإصابة اثنين بجروح برصاص إسرائيلي شمال الضفة الغربية    نشرة أخبار ال«توك شو» من المصري اليوم.. في أول ظهور له.. حسام البدري يكشف تفاصيل عودته من ليبيا بعد احتجازه بسبب الاشتباكات.. عمرو أديب يعلق على فوز الأهلي القاتل أمام البنك    ما بين الحلويات.. و«الثقة العمومية»!    موعد مباراة الأهلي وباتشوكا الودية قبل كأس العالم للأندية 2025    الأزهر: الإحسان للحيوانات والطيور وتوفير مكان ظليل في الحر له أجر وثواب    هزيمة 67 وعمرو موسى    حكم صيام الأيام الثمانية الأولى من ذي الحجة.. دار الإفتاء توضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مرار أهالي العسال


القتيل
قفزت الأسئلة في رأسينا ونحن في طريقنا إلي أسرة سعد الذي لم نكن نعلم عنه أو أسرته شيئا سوي أنه يبلغ من العمر ستة عشر ربيعا...
وحضرنا السؤال عن كيفية لقاء والده الذي فقد فلذة كبده وأسرته التي خيم الحزن علي منزلهم بعد أن قتل نجلهم في معركة لم يكن لهم فيها ناقة ولا جمل‏..‏
استطاعت الأهرام المسائي برغم كل الصعاب التي واجهتنا والتي كان أولها الحالة العامة لأهالي شبرا بعد أن اتشح الجميع بالسواد وخيم الحزن علي المنطقة وازدادها الظلام في الشوارع رهبة في قلوب الجميع‏.‏
وبرغم خطورة الوضع حيث يسمع كل من يقترب من منطقة العسال بشبرا أصوات طلقات الرصاص تدوي وتنير سماء المنطقة المظلمة إلا أنه لم يكن مستحيلا الوصول إلي مكان الأسرة المكلومة التي أتشح أهلها رجالا ونساء بالسواد والحسرة علي نجلهم سعد‏.‏
مسح الرجل وجهه بيديه المبتلة بالدموع وقال لن يعوضني مال الأرض عن ولدي ونظر في الأرض ثم تابع قائلا بصوت حزين‏:‏ بعد يوم شاق قضيته في عملي كسائق بأحد المدارس الخاصة عدت إلي منزلي مجهدا في الرابعة عصرا فوجدت أبني سعد يطلب مني الذهاب إلي المدرسة مع زملائه كي يلعب كرة القدم كعادته‏.‏
فطلبت منه عدم الذهاب والالتفات لدروسه ولكن تحت ضغط وإلحاح منه رضخت لمطلبه ونصحته تناول وجبة الغداء أولا قبل الخروج من المنزل لكي يستطع تحمل عناء اللعب‏,‏ فاستجاب لنصيحتي واكل قليلا من الطعام ثم ارتدي ملابسه الرياضية وقبلني‏,‏ فطالبته ألا يحضر متأخرا كي يستذكر دروسه‏.‏
و بعبارات من الحزن ونبرات من الآسي أكمل الأب السيد حسن‏50‏ سنة حديثه قائلا‏:‏ كنت قلقا علي خروجه هذه المرة ولا أدري لماذا فكأن هواجس عدة أنتابتني وسيطرت علي أفكاري لكنني سرعان ما طردتها ودخلت كعادتي إلي مخدعي للخلود مبكرا إلي النوم
وبعد ساعات قليلة أيقظتني زوجتي وأخبرتني بتلهف وقلق شديدين بأن ابني سعد تشاجر مع بعض الأشخاص أثناء لعبه الكرة في مدرسة شبرا الإعدادية‏,‏ فهرعت علي الفور إلي المدرسة وقابلت أحد أصدقائه والذي قص علي ما حدث منذ البداية وأخبرني بأنه أثناء لعبهم الكرة بالمدرسة حضر إليهم مجموعة من الأشخاص علي رأسهم أحمد جمال صابر نجل القيادي السلفي وأخبرونا بأنهم قاموا بتأجير أرضية الملعب في هذه الساعات قبلهم‏,‏ ونتيجة لكبر سنهم وأسلوبهم المتغطرس في الحديث آثر ابني سعد وزملاءه السلامة وذهبوا لارتداء ملابسهم والخروج من فناء المدرسة‏.‏
وأضاف صديق سعد‏:‏ بأنهم أثناء خروجهم من المدرسة اعتدي ابن جمال صابر علينا بالسب والشتم ورفع علينا سلاحا أبيض كزلك كان بحوزته وبدأ في ملاحقتنا هو وبعض زملاءه مهددين الجميع بالانتقام والضرب‏,‏ وأثناء المناوشات قام أحمد جمال صابر بطعن أبني ثلاث طعنات في الظهر والقلب والرئة فسقط مضرجا في دمائه‏.‏ وأضاف سعد بأنه شعر بتوقف كل أجزاء جسده عن الحركة وكأنه أصيب بشلل تام وهرع وقدماه بالكاد تحمله إلي مستشفي شبرا العام ليجد جسد ابنه جثة هامدة بلا حراك‏.‏
تنهد الأب وابتلع مرارة في حلقة واستكمل قائلا‏:‏ جلست علي أرضية المستشفي حتي أستوعب الصدمة ثم بدأت أستعيد قدرتي علي التفكير مجددا وهداني أحد الأطباء بالتوجه إلي قسم شرطة روض الفرج لكي أبلغ عن الواقعة حتي لا يضيع حقه‏.‏ توجهت إلي مقر القسم والتقيت بضابط المباحث وحكيت له ما حل بفلذة كبدي ووجهت إتهامي المباشر إلي أحمد جمال صابر بإزهاق روح أبني‏.‏ فسألني الضابط عن وجود شهود عيان للجريمة من عدمه فاتصلت بأصدقاء ابني وطالبتهم بالحضور إلي ديوان القسم إلا أنهم أخبروني أن الاشتباكات اندلعت بالمنطقة وساد الهرج والمرج وخشي كل منهم علي حياته وسط إطلاق النيران من كل حدب وصوب‏,‏ وأثناء وجودي بالقسم حضر بعض الأشخاص الذين لم أكن أعرفهم وشاهدتهم للمرة الأولي بالقسم وقابلوا رئيس المباحث وأخبروه بأن هناك شائعة باقتحام بعض الشباب لأحد المساجد وجئنا لنخبرك بأن هذا الكلام غير صحيح لأننا نقوم علي خدمة المسجد والمشاجرة التي تشهدها روض الفرج سببها قيام ابن جمال صابر بقتل أحد الشباب بالمدرسة‏.‏
وحينها أثلج الله صدري بهؤلاء الأشخاص الذين اعتبرتهم هدية السماء لتأكيد أقوالي وإظهار الحق‏,‏ وفي صباح اليوم التالي توجهت إلي النيابة وأدليت بأقوالي في الواقعة‏.‏
ويختتم الأب حديثه الحزين قائلا‏:‏ حتي الآن لم أدفن جسد ابني ولن أقيم سرادق عزاء حتي يأخذ القانون مجراه وتنفذ قرارات النيابة بالتحقيق العادل في الواقعة وتحقيق القصاص الكامل من الجناة مهما كانت سطوتهم أو نفوذهم‏.‏ وفي استجابة بطيئة وثقيلة لسؤالنا له أجاب الشقيق الأكبر للضحية محمد‏19‏ سنة وتكسو وجهه علامات الحزن والأسي وهمهم بكلمات تغلفها الدموع وقال‏:‏ حسبي الله ونعم الوكيل فيمن قتل شقيقي وأنا علي ثقة بأن حقه لن يضيع لأن الجميع من أهالي منطقة العسال يحبون شقيقي الذي كان يتمتع بسيرة عطرة بين الجميع والتقط وليد زكريا‏45‏ سنة زوج خالة سعد أطراف الحديث قائلا‏:‏ تربي سعد علي يدي وكان شابا خلوقا حسن السير والسلوك محبوبا من الجميع والدليل علي ذلك حالة الغضب التي انتابت أهالي المنطقة فور سماعهم لخبر مقتل سعد ولن تهدأ ثورتهم إلا بعد أن يجدوا الجناة في قفص الاتهام وتطبق العدالة عليهم‏,‏ فالحزن أصاب شبرا كلها ومنطقة العسال تحديدا‏.‏ وتساءل وليد في حسرة وحزن شديدين‏:‏ إلي متي يضيع دم أبنائنا هدرا دون ذنب أو جريرة‏,‏ وإلي متي تخسر الأمهات فلذات أكبادهن هباء‏,‏ وإلي متي نعيش بلا أمن يدفع ثمن غيابه أطفال وشباب في عمر الزهور‏.‏
راض بحكم الله
اتسعت عيناه مذهولتين لا يغلقها إلا الدموع التي تأبي التوقف أسارير عرف الحزن كيف يخطها علي قسمات وجه رغم غضبه الكبير لم تجزع راضية بقضاء الله‏,‏ اللهم إلا السؤال الدائم الدق علي رأسه‏..‏ لماذا ؟ هكذا كانت ملامح والد سعد ذو الستة عشر ربيعا سارق الفرحة من الجميع هنا في العسال قبلات كانت تطبع في سكون ووقار علي الرأس الذي يدعو الجميع له أن يرزقه البارئ الصبر والربط علي قلب راضي بحكم الله‏..‏
أم الصبر
تلفتت في بطء وهدوء غريب بوجه نحته الحزن وبملامح كالصخر أبت في سكون وإباء وشمم وأن ترد أو تتكلم مع من سواها من البشر وهي تعلم أنه لن يعوضها كائن من كان عن قطعة منه خرجت كعادتها للعب مع الاقران والاصحاب ولكن القدر شاء أن ترجع مسلوبة الروح مزهوقة بأيد آثمة استكثرت الفرح علي أسرة بسيطة‏.‏
الصمت والسكون والهدوء والتمتمة بالدعاء بالرحمة والصبر هم لغة الام الصابرة الصامتة وحياتها الجديدة التي يعلم الخالق وحده كيف ستخرج منها وكيف ستجتاز الكارثة والمصاب والحبيب الذي لن تنساه‏.‏
سواد‏*‏ سواد
لأول مرة منذ فترة نلحظ خلال تغطيتنا للأحداث الغريبة علي الشارع المصري من وقائع قتل وسرقة وخلافه ترصد أعيننا حالة حزن جماعية وكآبة تسود حتي الطرقات‏...‏ رجال تكدرت ملامحهم بشكل ملفت حتي الاطفال في الشوارع الؤدية لمنزل المجني عليه سعد‏-‏ تنطق أعينهم بالدهشة وعدم تصديق الخبر الذي مازالت أصدائه وكأنها تتردد في المنطقة والشوارع المجاورة حتي المحال التجارية شاركت في مراسم الحزن وأوصدت أبوابها فالمصاب هو كارثة للجميع وأغلقت أضوائها وعاشت في ظلام‏.‏
شهادة وفاة
تحدث بصوت وكأنه قادم من الاعماق حروفه أشبه بالهمس يميز كلماته شجن لا يوصف وكلما حضرت صورة الفقيد علي لسانه نسي ما ومزق قلوبنا والسامعين الذين كانوا يتسابقون ويتزاحمون ويقاطع بعضها الآخر لوصف وسرد كل ما لاينسوه من مآثر وشهامة وطيبة وأخلاق الفقيد الشباب‏,‏ وبعد فترة من الانصات إلي الاب المكلوم تجمعت بهدوء الدموع في أعيننا ولم نملك أنفسنا خاصة عندما ذكر الوالد أن سعد ابتسم منذ يومين وهو يقول انا كبرت وعايز أطلع بطاقة‏..‏ ويسكت الاب وتنهمر دموع الجميع معه وكلماته تخرج مخنوقة وعدته أن أذهب معه لأستخراج بطاقة شخصية وبدلا منها استخرجت شهادة وفاة‏.‏
رابط دائم :


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.