تناثرت سمعة المنتج المصري وسط الاشتباكات السياسية والاعلامية التي تشهدها الساحة السياسية منذ اند لاع ثورة25 يناير. وغاب الدعم الحكومي عن الصناعة المصرية وضاعت معه استراتيجيات التسويق التي تتناسب مع كم المنتجات المتنوعة داخل منظومة الصناعة المصرية مما أدي إلي ضياع هيبة المنتج المصري في الاسواق المحلية والخارجية.. الاهرام المسائي يفتح ملف المنتج المصري للوقوف علي اهم المعوقات التي تقف حائلا أمام غزو حلم المنتج المصري المتكامل الذي يغزو الأسواق الخارجية. اشتري هدوم أو اجهزة أو أي حاجة المهم تدعم الصناعة الوطنية وتشتري المنتج المصري هذه كانت احدي عبارات حملات اشتري المنتج المصري التي انطلقت عقب ثورة يناير والتي دعا اليها العديد من الشباب عبر شبكات التواصل الاجتماعي المختلفة, ولكنها سرعان ما تلاشت تدريجيا عند اصطدامها بأرض الواقع الذي غابت فيه المنتجات المصرية عن الساحة كإحدي نتائج الخلل الهيكلي الملحوظ في المنظومة الصناعية بأكملها.. فكيف ننهض مرة أخري بالمنتج المصري الذي تواري جانبا امام المنتج الصيني؟! في البداية يقول الدكتور عبدالرحمن عليان استاذ الاقتصاد بجامعة عين شمس ان مصر تمتلك العديد من الموارد والميزات التنافسية التي تمكنها من اللحاق بركب التطور الصناعي ولكن غياب تطبيق القانون وتضارب القرارات والقوانين الاقتصادية بجانب طول إجراءات التقاضي وارتفاع تكلفتها واتباع سياسة التقليد والمحاكاة في إقامة المشروعات الاستثمارية كل هذه العوامل كانت كفيلة بالقضاء علي حلم المنتج المصري. واكدت الدكتورة يمن الحماقي رئيسة قسم الاقتصاد بجامعة عين شمس ان غياب المنتج المصري ناتج عن تراكم مجموعة من الاسباب اهمها تفشي البيروقراطية في الاجهزة والمصالح الحكومية عند استخراج تراخيص المصانع بجانب ارتفاع الرسوم الجمركية علي المواد الخام والعناصر الوسيطة ومستلزمات الانتاج. وأضافت ان فرض الضرائب الباهظة علي المصانع وغياب العمالة الفنية المدربة نتيجة النقص الشديد في ثقافات جودة الانتاج لدوائر الاعمال كانت اهم المعوقات الرئيسية امام المنتج المصري, بالإضافة إلي ارتفاع تكاليف الائتمان وتكاليف تأسيس المشروعات, مشيرة إلي غياب الدور الرقابي علي عملية الاستيراد المنفلت عياره والتي اصبحت تابعة للمصالح الشخصية. وأوضحت ان كل هذه المعوقات كانت السبب الجوهري وراء انتشار ظاهرة الغش التجاري أو ما نطلق عليه حاليا مصانع بير السلم حيث شهدت مصر توسعا ملحوظا في القطاع الصناعي غير الرسمي الذي كاد يقترب من حجم الانتاج الكلي علي حساب القطاع الرسمي كمحاولة للهروب من الروتين الحكومي في استخراج التراخيص بالاضافة إلي الانتاج بتكاليف منخفضة تنافس اسعار المنتجين الرسميين وهو ما يتطلب وضع إعفاءات ومميزات لتحويله إلي الاقتصاد الرسمي. واشارت إلي ان اسباب عدم ثقة المستهلك في المنتج المصري هو ارتفاع تكلفة المنتج المصري الذي يدفع المستهلك إلي شراء الارخص من المنتجات الصينية والتي تتمتع في نفس الوقت بألوان زاهية. وأكدت أنه في حالة عدم الاهتمام بالقطاع الصناعي ووضع استراتيجيات تكفل النهوض بالصانع والمنتج المصري ستشهد الأيام المقبلة اتجاه عدد كبير من المستثمرين والمنتجين المصريين نحو التجارة تحقيقا لمبدأ أن التجارة اربح من الصناعة. واضاف حسين عمران وكيل أول وزارة الصناعة والتجارة سابقا ان قلة جودة المنتج المصري وإهمال تسويقه احد اهم أسباب اضمحلال الصناعة الوطنية, مشيرا إلي ان المنتج المصري سواء كان زراعيا أو صناعيا في مراحل انتاجه الاولي يعتبر من اجود المنتجات علي المستوي العالمي. وأوضح ان العنصر المفقود لتحقيق الجودة المطلوبة في المجال الزراعي هو الاهتمام بنوع الاسمدة المستخدمة اثناء زراعة المحاصيل نظرا لأن استخدام الاسمدة الكيماوية كبدائل للاسمدة البيولوجية يقلل من حجم الصادرات العالمية بالرغم من جودة المحاصيل. وأضاف انه بالنسبة للمنتج الصناعي فإن أوجه القصور تتمثل في عدم القدرة علي الوفاء بمتطلبات السوق المحلي من المنتجات وبالتالي يتجه التاجر إلي الاستيراد كأحد البدائل المتاحة بالاضافة إلي ربحية المنتج المستورد تفوق كثيرا ربحية نظيره المحلي. ويري أن الضرائب لا تعتبر عائقا امام تطور الصناعة لأن تطبيقها لا يقتصر علي المنتجات المحلية فقط وإنما يمتد إلي المنتجات المستوردة ايضا علاوة علي ان الضرائب تزداد قيمتها في بعض الدول مقارنة بمثيلتها علي المنتجات المصرية. وأضاف الدكتور صديق عفيفي استاذ إدارة الاعمال ورئيس جامعة النهضة أن المنافسة الصناعية اشتدت كثيرا في السنوات القليلة الماضية نظرا للتطور غير المسبوق في استخدام التكنولوجيا الحديثة في مجالات الانتاج وهو ما يظهر جليا في صناعة الاقطان البديلة التي تنافس علي جودة القطن المصري والتي اخذت في الانتشار بعد استحواذ القطن المصري علي الأسواق لفترات طويلة. ويري الدكتور فؤاد ابو زغله وزير الصناعة الاسبق ان غياب الامن والاستقرار عن الدولة يعتبر حائلا امام تشجيع الاستثمارات مع وجود توجهات بزيادة نسبة الضرائب علي الصناعة في الوقت الذي تعاني فيه مصر من قلة التصدير ونقص العملة الاجنبية وتراجع الاحتياطي الاجنبي, مشيرا إلي ان محاولة زيادة نسبة الايرادات ستجبر الحكومة علي زيادة الجمارك وبالتالي سيواجه المستهلك ارتفاعا ملحوظا في الاسعار. رابط دائم :