عاشت الأم حياة مريرة بعد وفاة زوجها وأصبح عبء تربية ولديها يقع علي عاتقها, واعتقدت انها عبرت بالسفينة إلي بر الأمان معتمدة علي معاش الزوج الضئيل وعملت علي تعويضهما بكثير من الحب والحنان حتي اصبحا يلجآن إليها في كل أمور حياتهما. اعتقدت الأم إنها وصلت إلي المراد تحقيقه بعزل ولديها عن الاختلاط بشباب الحي المشهور عنهم انحرافهم وسوء أخلاقهم ونجحت في البداية, ولكن الأمر لم يستمر طويلا وانقلبت الأمور رأسا علي عقب. وفي ظل الظروف المعيشية العويصة حاولت الأم مع ولديها أن يعتمدا علي نفسيهما ويساعداها في تحمل نفقات المنزل المتزايدة التي اثقلت كاهلها. وبدأ محمد الشقيق الأكبر في البحث عن فرصة عمل بعد تعثره في دراسته وباءت كل محاولاته بالفشل الذريع مما أثر علي حالته النفسية وأصيب بالاحباط الشديد فارتمي في ليالي أصدقاء السوء وانغمس في تعاطي الأقراص المخدرة بلا حدود. وسيطر غول الإدمان عليه وبدأ في مطالبة الأم بالمال للحصول علي قرص المخدر الذي اعتاده يوميا وبدأت الأم تواجه إعصارا من السباب والشتائم والصوت العالي حتي ترضخ في كل مرة وتمده بالفتات مما تبقي من مصاريف البيت وأصبحت ساعات يومها تعدها باستمرار وتراقب في انتظار من دار في دوامة المخدرات, وعلي النقيض تفوق شقيقه الأصغر أحمد في دراسته حالما بدراسة القانون حتي التحق بكلية الحقوق وتفاءلت الأم الحزينة بنجاح صغيرها وشعرت بأن ما بذلته من مجهود لم يذهب أدراج الرياح. وكان أحمد حريصا علي تلبية كل مطالب والدته يعاملها بحنان وعطف غير مسبوق حزينا علي مصير أخيه محمد محاولا أن ينتشله مما هو فيه. وأثناء ذلك تعرف أيضا علي أقران السوء بالمنطقة فانزلقت قدماه إلي المخدرات, وأوهموه بأن هذه الأقراص تعينه علي السهر وتساعده في مذاكرة دروسه. وسقط أحمد في فخ الأدمان واعتياده تناول الأقراص المخدرة والتي حولت حياته إلي جحيم وتم فصله من كليته التي طالما حلم بالالتحاق بها, ولكنه ظل عطوفا علي والدته رغم ادمانه والذي وقع كالصاعقة عليها بعد أن لاحظت تغير حاله ولونه الشاحب باستمرار, وحزنت الأم كثيرا علي ما آلت إليه الأمور ووقوع صغيرها في بئر الإدمان وصممت علي عدم امداد محمد الكبير بالمال الذي اعتاد الحصول عليه يوميا مما جعله يصب جام غضبه عليها ويعتدي عليها بالضرب المبرح وإصابتها بكدمات وتورم بالوجه وتدخل الصغير لمنعه من الاستمرار في التعدي عليها إلا انه قام باصابته بجرحين قطعين باليد اليسري, ودار شريط حياة الصغير في لحظات أمام عينه ولم يشعر بنفسه وهو يطعنه عدة طعنات بالصدر والبطن أودت بحياته في الحال وارتمي الصغير في حضن والدته التي شلت الصدمة لسانها وهي تفكر أنها خسرت ولديها الجاني والمجني عليه. وكان اللواء جمال عبدالعال مدير الإدارة العامة لمباحث القاهرة قد تلقي اخطارا من نائبه اللواء سامي لطفي يفيد بورود بلاغ للعميد ناصر حسن رئيس مباحث قطاع الشمال بنشوب مشاجرة بحارة حسين الأحمر ببولاق ووجود قتيل. وعلي الفور تم تشكيل فريق بحث أشرف عليه الرائد مصطفي إبراهيم رئيس مباحث بولاق وبالفحص تبين حدوث مشاجرة بين محمد ع. م35 سنة عاطل, وسبق اتهامه في11 قضية آخرها قضية سرقة من داخل سيارة وشقيقه أحمد ع. م29 سنة طالب مفصول من كلية الحقوق وسبق اتهامه في4 قضايا أخرها سلاح أبيض. وتبين من التحريات قيام الأول بالتعدي علي والدتهما سامية أ. ع57 سنة ربة منزل بالضرب واحدث اصابتها بكدمات وتورم بالوجه. لرفضها اعطاءه مبالغ مالية لشراء الأقراص المخدرة.. واثناء تدخل شقيقه الثاني لمنعه من الاستمرار في التعدي عليها قام الأول بالتعدي عليه بالضرب محدثا اصابته بجرحين قطعيين باليد اليسري وخدوش اسفل الرقبة مما أثار حفيظته, وقام باحضار سكين من المطيخ وتعدي بها عليه بعدة طعنات بالصدر والبطن وتم نقله لمشرحة النيابة. وتمكن الرائد علي فيصل معاون مباحث القسم من ضبط المتهم والسلاح المستخدم, واعترف بارتكابه الواقعة. تم تحرير محضر للمتهم واخطار اللواء أسامة الصغير مساعد أول الوزير لأمن القاهرة الذي امر بإحالته للنيابة التي تولت التحقيق. محمد مروان رابط دائم :