الإعلام والوعي البيئي    بعد تسجيله في مرمي تشيلسى.. أرسنال يحتفل بالهدف رقم 100 بجميع البطولات    وداعًا حر الصيف..طريقة عمل آيس كريم البرتقال سهل وسريع بأبسط المقادير    "العليا للانتخابات" بتونس: التحديد الرسمي لموعد الانتخابات الرئاسية يكون بصدور أمر لدعوة الناخبين    الخميس المقبل.. أحمد موسى يُحذر من الاجتياح البري لرفح الفلسطينية    الأردن يحذر من تراجع الدعم الدولي للاجئين السوريين على أراضيه    "أفريكسيم بنك" يحصل على ستة جوائز للسندات والقروض والحوكمة لعام 2024    اتحاد الكرة يحصل على موافقة 50 ألف مشجع لمباراة مصر وبوركينا فاسو    المعاينة الأولية تكشف سبب حريق ورشة وعقار في المعادي    شاب يقتل والده بسبب إدمانه للمخدرات.. وقرار من النيابة    خصومات متنوعة على إصدارات «هيئة الكتاب»    تعرف على الأمنية الأخيرة لشيرين سيف النصر قبل وفاتها ؟ (فيديو)    أمين الفتوى لسيدة: «اطّلقى لو زوجك مبطلش مخدرات»    هل تنخفض أسعار الدواجن الفترة المقبلة؟.. "الشعبة" توضح    بروتوكول بين جامعة المنوفية الهيئة الاعتماد لمنح شهادة "جهار - ايجيكاب"    "سياحة النواب" تصدر روشتة علاجية للقضاء على سماسرة الحج والعمرة    هالة خليل: أتناول مضادات اكتئاب في التصوير.. ولا أملك مهارات المخرج    دياب يكشف عن شخصيته بفيلم السرب»    صحة كفرالشيخ في المركز الخامس على مستوى الجمهورية    احذر اكتئاب رياح الخماسين.. من هم الفئات الأكثر عُرضة؟    مقتل وإصابة 8 مواطنين في غارة إسرائيلية على منزل ببلدة حانين جنوب لبنان    بالفيديو.. خالد الجندي يشيد بفخامة تطوير مسجد السيدة زينب    «قضايا الدولة» تشارك في مؤتمر الذكاء الاصطناعي بالعاصمة الإدارية    «بروميتيون تاير إيجيبت» راعٍ جديد للنادي الأهلي لمدة ثلاث سنوات    يد – الزمالك يفوز على الأبيار الجزائري ويتأهل لنصف نهائي كأس الكؤوس    أبو عبيدة: الرد الإيراني على إسرائيل وضع قواعد جديدة ورسخ معادلات مهمة    «التعليم العالي» تغلق كيانًا وهميًا بمنطقة المهندسين في الجيزة    ختام ناجح لبطولة الجمهورية للشطرنج للسيدات ومريم عزب تحصد اللقب    بائع خضار يقتل زميله بسبب الخلاف على مكان البيع في سوق شبين القناطر    محافظ أسوان يشهد مراسم توقيع بروتوكول التعاون المشترك بمتحف النوبة    إنفوجراف.. مراحل استرداد سيناء    القومي للكبد: الفيروسات المعوية متحورة وتصيب أكثر من مليار نسمة عالميا سنويا (فيديو)    وزيرة الثقافة تُعلن برنامج فعاليات الاحتفال بعيد تحرير سيناء    اللعبة الاخيرة.. مصرع طفلة سقطت من الطابق الرابع في أكتوبر    محافظ كفرالشيخ يتفقد أعمال التطوير بإدارات الديوان العام    مجلس الوزراء: الأحد والإثنين 5 و6 مايو إجازة رسمية بمناسبة عيدي العمال وشم النسيم    عضو ب«التحالف الوطني»: 167 قاطرة محملة بأكثر 2985 طن مساعدات لدعم الفلسطينيين    السياحة: زيادة أعداد السائحين الصينيين في 2023 بنسبة 254% مقارنة ب2022    المدير التقني السابق لبايرن ميونخ: محمد صلاح معجزة وبطل قومي لليفربول    11 معلومة مهمة من التعليم للطلاب بشأن اختبار "TOFAS".. اعرف التفاصيل    غدا.. اجتماع مشترك بين نقابة الصحفيين والمهن التمثيلية    البرلمان يحيل 23 تقريرا من لجنة الاقتراحات والشكاوى للحكومة لتنفيذ توصياتها    ببرنامج تعزيز المنظومة البيئية.. هيئة الاستثمار: تدريب وتقديم استشارات ل600 رائد أعمال    وزير الأوقاف من الرياض: نرفض أي محاولة لتهجير الشعب الفلسطيني وتصفية قضيته    محافظ قنا يستقبل 14 مواطنا من ذوي الهمم لتسليمهم أطراف صناعية    افتتاح الملتقى العلمي الثاني حول العلوم التطبيقية الحديثة ودورها في التنمية    رسميا .. 4 أيام إجازة للموظفين| تعرف عليها    منها الطماطم والفلفل.. تأثير درجات الحرارة على ارتفاع أسعار الخضروات    عربية النواب: اكتشاف مقابر جماعية بغزة وصمة عار على جبين المجتمع الدولى    تنبيه عاجل من المدارس المصرية اليابانية لأولياء الأمور قبل التقديم بالعام الجديد    سلك كهرباء.. مصرع شاب بصعق كهربائي في أطفيح    بدأ جولته بلقاء محافظ شمال سيناء.. وزير الرياضة: الدولة مهتمة بالاستثمار في الشباب    تقارير: الأهلي سيحصل على 53 مليون دولار نظير مشاركته في كأس العالم للأندية    اتحاد عمال مصر ونظيره التركي يوقعان اتفاقية لدعم العمل النقابي المشترك    البرلمان البريطاني يقرّ قانون ترحيل المهاجرين إلى رواندا    "بأقل التكاليف"...أفضل الاماكن للخروج في شم النسيم 2024    الإفتاء: التسامح في الإسلام غير مقيد بزمن أو بأشخاص.. والنبي أول من أرسى مبدأ المواطنة    دعاء في جوف الليل: اللهم اجمع على الهدى أمرنا وألّف بين قلوبنا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مبدعون يقيمون أداء وزارة الثقافة في نشر التنوير
نشر في الأهرام المسائي يوم 01 - 05 - 2010

عند توليه وزارة الثقافة قبل ما يقرب من ثلاثة وعشرين عاما‏,‏ اعلن الفنان فاروق حسني انه سيضع نشر التنوير ومحاربة الظلام والجهل علي رأس قائمة أولويات الوزارة‏,‏ وأنه سيجري تسخير امكاناته لمحاربة قوي الظلام المنتشرة في مصر‏...‏
حيث جاء توليه للوزارة في تلك الفترة التي ارتفع
فيها مد جماعات الاسلام السياسي والتكفير التي مارست العديد من أعمال العنف ضد المدنيين‏,‏ وضد الدولة بدعوي الخروج عن صحيح الاسلام‏.‏ وبعد ما يقرب
من خمسة وعشرين عاما من تضافر وزارتي الإعلام والثقافة لنشر التنوير‏,‏ ومحاربة الظلام مازالت المحاكم المصرية تشهد رفع دعوات من عدد من المحتسبين
الجدد مطالبين بمصادرة الكتب الصادرة عن وزارة الثقافة
بدعوي الاساءة للاديان ولقيم المجتمع‏,‏
وأحدث هذه الدعاوي تقدم به مجموعة تدعي محامين بلا قيود طالبت بسحب كتاب الف ليلة وليلة الصادر عن الهيئة العامة لقصور الثقافة بجزءيه‏,‏ وتقدموا بها ببلاغ للنائب العام ضد كل من د‏.‏ أحمد مجاهد رئيس الهيئة العامة لقصور الثقافة والشاعر سعد عبد الرحمن رئيس الإدارة المركزية للشئون الثقافية التابع لها إدارة النشر بالهيئة‏,‏ والكاتب الكبير جمال الغيطاني رئيس تحرير سلسلة الذخائر التي صدر عنها كتاب الف ليلة وليلة بجزيئه‏,‏ وطالبوا في هذا البلاغ بمحاسبتهم وفقا للمادة‏178‏ من قانون العقوبات المصري التي تعاقب بالحبس لمدة سنتين والغرامة كل من ينشر مطبوعات أو صورا خادشة للحياء العام فضلا عن مصادرة الكتاب الذي صدر في جزءين واعتباره دليلا ضدهم‏.‏
فالي أي مدي نجحت وزارتا الثقافة والاعلام في تحقيق الهدف الذي اعلنتا عن تسخير امكاناتهما من أجله بعد مرور هذه الأعوام؟ الأهرام المسائي طرح السؤال علي عدد من المبدعين في التقرير التالي‏,‏ فكانت هذه هي آراءهم‏.‏
يقول الكاتب إبراهيم عبد المجيد‏:‏ لا أري أن وزارة الثقافة تحديدا فشلت في أداء الدور المناط بها‏,‏ فالسؤال الواجب توجيهه في هذا الصدد هو لماذا لم تنجح وزارة الثقافة رغم جهودها الكبيرة في القضاء علي الفكر الظلامي الهادف لمصادرة حرية التعبير والنشر؟ والاجابة هي أن وزارة الثقافة وزارة محاصرة من قبل متحجري الفكر المطالبين بالمصادرة من جانب‏,‏ ومن قبل وزارة الاعلام التي تقدم برامج ثقافية قليلة وجامدة‏,‏ وغير قادرة علي جذب الجمهور وترويج حب المعرفة لديه إلي جانب وزارة التعليم التي تقف بقوة في وجه أي محاولة لجعل مناهجها داعمة لفكرة التنوير والتفكير النقدي البناء‏.‏
ويري إبراهيم عبد المجيد أن أغلب هذه الدعاوي القضائية يهدف المتقدمون بها في الاساس إلي حصد الشهرة ويتساءل‏:‏ أين هم من الغلاء‏,‏ ومن تراجع مستوي العلاج في المستشفيات‏,‏ أين هم من القضايا الحقيقية التي تمس الناس‏,‏ ولماذا لا يتحكون قضائيا وقانونيا ضد الجشع والاهمال؟‏.‏
ولا يبدي صاحب بيت الياسمين قلقا من الدعوي المرفوعة ضد الف ليلة وليلة والمطالبة بمصادرتها مشيرا إلي وجود محاولات عديدة لمصادرتها من قبل لم تسفر عن شيء‏,‏ حيث ينتصر القضاء دوما للابداع‏,‏ لوعي القائمين عليه بأن مواقع الانترنت تحوي من البذاءات ما يتجاوز المكتوب في الف ليلة وليلة‏,‏ وأنها تقدم المضمون الجنسي في قالب من السخرية والحكي الشعبي لا بهدف إثارة الغرائز‏,‏ مضيفا أن مثل هؤلاء المحتسبين الجدد لن يعلنوا رضاهم عن وزارة الثقافة والمؤسسات المدنية الهادفة لنشر القراءة والمعرفة إلا إذا وجهت جهودها لطبع كتب السحر والشعوذة‏.‏
أما الروائي أحمد أبو خنيجر فيري بدوره أن الدور الذي تلعبه وزارة الثقافة لا يكفي وحده‏,‏ ويتفق مع إبراهيم عبد المجيد بأن نشر التنوير للقضاء علي هذا الفكر من منابعه يجب أن يبدأ من المؤسسات التعليمية علي اختلاف توجهاتها ويروي للأهرام المسائي موقفا شهده من أسابيع بعودة طفل من المدرسة ليعلن لذويه أن الاحتفال بشم النسيم حرام ويتساءل لماذا نترك المدارس خارج المعادلة؟ من القائم علي تعليم الاطفال؟ وأي أفكار يضع في رءوسهم؟‏.‏
ويؤكد ابو خنيجر أن ترك التعليم والاعلام خارج المعادلة المطلوبة لنشر حرية الفكر والتعبير في المجتمع يجعل منها معادلة مختلة ومنقوصة‏,‏ مضيفا ان المقاومة الشديدة لتعليم الاطفال بشكل يبني لديهم العقل النقدي القادر علي التفكير في العالم واستقباله بشكل مختلف دون تعصب هو السبب الرئيسي في انتشار هذا الفكر‏.‏
ويري أن موقف د‏.‏ أحمد مجاهد رئيس هيئة قصور الثقافة بإعلانه اعادة طبع الكتاب هو الموقف السليم تجاه هذه التهديدات فالف ليلة وليلة ليست مجرد كتاب‏,‏ بل هي منبع من منابع الآداب الإنسانية لا يمكن أن يصادره حفنة ممن يحيون خارج التاريخ‏,‏ ويقول إن ما يحدث مؤشر لحالة من التدهور العام‏,‏ حيث يترصد الكل بالكل وصارت المزايدة هي اسم اللعبة نظرا لان المجتمع فقد الثقة بنفسه‏.‏
أما د‏.‏ مجدي الشافعي فله راي خاص في الدعوي المرفوعة ضد الف ليلة وليلة‏,‏ فالمادة القانونية التي يستند إليها هؤلاء المحامون لمصادرة الف ليلة وليلة ومحاسبة المسئولين عن طبعها بهيئة قصور الثقافة هي نفس المادة التي استند إليها أحد المحتسبين بالتعاون مع جهاز شرطة الآداب لمصادرة روايته مترو أول رواية مصرية مصورة ومعاقبته بدفع غرامة مالية بلغت خمسة الآف جنيه هووناشره محمد الشرقاوي‏.‏
ويقول الشافعي‏:‏ ألف ليلة وليلة هي نتاج إبداع إنساني شعبي غير منقح تشهد بأن الإنسان بفطرته ينحاز للفن‏,‏ وأن ما يحدث الآن من محاربة للإبداع وحريته هو انحراف في الفطرة الإنسانية‏,‏ فالف ليلة وليلة جمعت وكتبت وظلت تتطور ضمن منظومة الدولة الإسلامية‏,‏ ولم تلق محاربة من أحد مما يشير إلي أننا نمر بردة اجتماعية وثقافية واضحة‏.‏
أن من يقوم برفع القضية ضد الف ليلة وليلة الآن هم مجموعة من المحامين أي من يناط بهم الدفاع عن الحرية بكل أشكالها وصورها فإن كان المجتمع قد تحول إلي أن يحارب حاملو مشاعل الحرية تلك الفكرة النبيلة‏,‏ فماذا ننتظر لنتأكد أن هناك خللا بحاجة للتدخل الفوري والعلاج‏.‏
ويكمل الشافعي قائلا‏:‏ هذا شاهد علي ان منظومتي التعليم والثقافة في مصر تمران بمشكلة‏,‏ وبحاجة إلي مراجعة لأدائهما‏,‏ فأمثال هؤلاء المحامين بحاجة إلي اعادة تأهيل‏,‏ المجتمع العربي والمصري منذ القدم ينتج بفطرته اشكالا فنية وابداعية تتجاوز أفكار النخبة‏,‏ فالقضاء في مصر أحيانا ما ينتصر لمثل هذه القوي الرجعية‏,‏ ولابد أن يتنبه القضاء إلي أن هناك اتجاهات عامة عليه إلا يسايرها‏,‏ وأن يعود إلي مواقفه المشرفة‏,‏ حيث انتصر للابداع والحرية في ثمانينيات القرن الماضي عندما رفعت دعوي مطابقة للمرفوعة الآن ضد الف ليلة وليلة‏,‏ فالقضاء نخبة ثقافية قبل أن يكون نخبة اجتماعية‏,‏ وعليه ألا ينساق خلف هذه الاتجاهات ليستعيد صورته النزيهة المشرفة‏.‏


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.