1 تابوت عائلي بدأ إحساس الرحيل يقترب مني..وكأني ألملم نفسي وأعدها للسفر من دون رجعة.. كان هناك صوت داخلي يدعوني لكتابة وصيتي, وتوديع أحباب قلبي.. شارعت إلي الاتفاق مع نجار ماهر وكلفته بصناعة تابوت أوسع من حجمي بكثير وعمدت الا أكوان تقليديا كباقي التوابيت وهو الامر الذي جعلني أخوض معه نقاشات واسعة. كان كثير التساؤل حد الملل, يحاول أن يفهم ماليس من شأنه..يسأل عن أسباب الاختلاف, بطرق ملتوية غير واضحة.. لم أجد مايشبع فضوله,ولكني عزمت علي ان يكون تابوتي كبيرا ليجمعني وعائلتي في مكان واحد بعد أن فرقتنا أزمات الحياة. 2 جنازة في الهواء الطلق أنهكني سباق العمر,وأتعبني ذلك الجري الطويل, وما من عيون تبصرني خط النهاية.. صرت أشتهي لحظة الموت, وأتخيل جنازتي وهي ترفرف فوق أكتاف الأحبة..تحلق في سماء المدينة, وتخاصم عبث الغربة, ووحدتها القاتلة.. كم تمنيت رؤيتها أو شم عطرها قبل رحيلي الأزلي..لذا طلبت في وصيتي ان يكون تابوتي مكشوفا للسماء علها تكون بين جمهور المشيعين,عساني أتمكن من استنشاق عطرها ولو للمرة الأخيرة. 3 الصندوق الخشبي كان صديقاي المقربان يتحدثان عن التوابيت وكيفية صناعتها.. قال الأول: من الصعب جدا ان يحبس الانسان داخل مستطيل خشبي ضيق,لايسمح بأي حركة.. وأجاب الثاني: ليس الضيق هو المشكلة ياصاح, ولكن تخيل ان تعيش في مكان مظلم لاتجد فيه ضدين يجتمعان ابدا إلا في هذه العتمة التي تلتقي بالوحدة.. لحظتها قاطعت حديثهما قائلا: لا أجد أي تبرير لخوفكما, وانتما تتحدثان عن موضوع بسيط حد التفاهة..ألم تألفا الضيق والعتمة في بطون أمهاتكم ألم تسجنا في زنزانة أكثر وحشة من التابوت, ألم تشعرا بالوحدة طوال هذاالعمر؟ علمتني الحياة بأنني انتقل من تابوت لآخر لحين توافر ذلك الصندوق الخشبي الذي يحتضنني بسلام.