في عالم السياسة تكثر الأكاذيب وتنتشر الشائعات المفبركة وتغيب الحقيقة, إلا حقيقة الرياء السياسي الذي يمارسه بعضهم ولا تخفي علي فطنة شعبنا, فالشعب بذكائه الفطري الذي جبله الله عليه يدرك تماما خلو الساحة السياسية في معظم الأحوال من الصدق الخالص لوجه الله, ويعلم أيضا أن تصريحات بعض السياسيين وأفعالهم ليست مقياسا للحقيقة في أحيان كثيرة. وقد تعودنا في مواقف عدة أن يخرج علينا سياسي أو جماعة سياسية بشائعات كاذبة تستهدف خصومهم, وتثير اللغط حولهم, وسكوتنا علي أفعالهم يجيء من منطلق إيماننا بقدرة الشعب علي كشف المزيف من الأصيل, إلا أن الصمت ينتهي عند خط أحمر, فلا يمكن السكوت علي شائعات تمس شرف القوة الأكبر في البلاد, القوة التي تضم في صفوفها كل أطياف الشعب, وتمثل خط الدفاع الأول عن الوطن وتطلعاته, فذلك يجعل المشهد عبثيا ويصيب الوطن وأمنه في الصميم. إن القوات المسلحة التي يحاول بعض المرجفين جرها لمستنقعهم السياسي بتصريحات وشائعات غير مسئولة, هي بالنسبة لنا نحن أبناء الشعب جزء منا قبل أن تكون جزءا من الدولة, والتلاعب بمواقفها واستقرارها ليس من مصلحتنا أو مصلحة الوطن, فحين تنال الشائعات من استقرار القوات المسلحة ووجودها, فإنها بذلك تهدف لهدم هذا الكيان الكبير, أو علي الأقل إضعافه, كما حدث قبلا لجهاز الشرطة الذي ألصقت قبلا به تهم عديدة جورا, مما أدي إلي تراخي مفاصله وحدوث الانفلات الأمني الذي نشكو اليوم من تداعياته. لقد حاول بعض المرجفين قبلا الترويج لشائعة تصور وجود مؤامرة شارك فيها وزير الدفاع الفريق أول عبد الفتاح السيسي الحالي كانت وراء عزل المشير طنطاوي والفريق عنان عن قيادة المجلس الأعلي للقوات المسلحة, وفات من روجوا لهذه الأكذوبة أن منسوبي هذا الجهاز العسكري الكبير من أصغر رتبة حتي أعلاها قد تربوا علي منظومة من القيم الأخلاقية تتمثل في احترام تسلسل القيادة, منظومة تحول دون حدوث مثل ما أدعوه وروجوا له, فضلا عن أن المجلس الأعلي للقوات المسلحة مكون من قيادات تمثل مختلف الأجهزة والقطاعات العسكرية, ويتشارك جميع أعضائه في إصدار القرارات, ولا يمكن لفرد منهم القيام بعمل منفرد. واليوم يروج هؤلاء بمشاركة أجهزة استخباراتية خارجية لشائعة وجود خصام بين الرئاسة والقوات المسحلة, عبر تصوير قيام الجيش بالسيطرة علي شبكة أنفاق التهريب بسيناء وتطهيرها من الإرهابيين علي أنه بداية صدام الرئاسة وقيادات القوات المسلحة, وما أعقب ذلك من ظهور شائعة عن قرب قيام الرئاسة بالإطاحة بهذه القيادات وعلي رأسها الفريق السيسي وأخونتها, وشائعة مضادة باستعداد القوات المسلحة لإنقلاب عسكري يطيح بالرئاسة المنتخبة ويضع قيادة عسكرية سابقة علي رئاسة الدولة. ويجب أن يدرك من يروجون لمثل هذه الشائعات الكاذبة أنهم بمثل هذه الأفعال يزكون نيران فتن داخلية قد ينجم عنها كثير من البلاء. في وقت تحتاج مصر لتوحيد الجهود وتنظيمها لمواجهة الظروف الصعبة التي يمر بها الوطن اقتصاديا واجتماعيا وتنمويا وأمنيا. وبرغم عدم رضائي وكثير غيري عن أداء الحكومة ورفضنا للعديد من سياسات الإخوان الدالة علي عدم قدرتهم أو كفاءتهم إداريا وسياسيا, إلا أننا جميعا نرفض المساس بقيادة سياسية منتخبة, وفي الوقت نفسه نرفض أي مساس بقيادات الجيش, وأحسب أن كثيرين غيري يشاطروني الرأي, ويؤمنون أن مجرد التفكير في فعل مخالف لهذا يمثل انتحارا أدبيا لفاعله. أيها السادة الذين يروجون للشائعات سواء أكان غرضها جسا لنبض القوات المسلحة, أو بثا للفتنة بين قادتها وضباطها, وبينهم وبين القيادة السياسية, ينبغي أن تعلموا أن القوات المسلحة: قيادة وضباطا وأفرادا قد باتت محصنة ضد فخاخكم بعد أن وعت دروس ما مضي من أحداث, ولن تؤثر بها الشائعات ومحاولات الوقيعة, فكفوا ألسنتكم عنها فهي خط أحمر لأصحاب المصالح وذوي النفوس المريضة محظور الاقتراب منه.